نيويورك، 24 أيلول/سبتمبر 2009 – تعرب لجنة حماية الصحفيين عن استنكارها لحملة التشهير المدعومة من الحكومة التونسية ضد قناة الجزيرة الفضائية التي تتخذ من قطر مقراً لها. وقد نجم عن هذه الحملة تأثير سلبي على حرية التعبير في تونس.
وقال محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “بدلاً من دعم حملة التشهير المخزية ضد زملائنا والتي ترمي إلى الترهيب، ينبغي على الحكومة التونسية إنهاء حربها الشعواء على الصحافة المستقلة في تونس وفي الخارج. إن أحد أهداف هذه الحملة هو إسكات جميع الأصوات المعارضة في الوقت الذي يجري فيه استخدام الإعلام التونسي، وبكل صفاقة، للترويج لفترة رئاسية خامسة مدتها خمس سنوات للرئيس زين العابدين بن علي خلال الانتخابات المقبلة التي ستجري في تشرين الأول/أكتوبر”.
وقال مراسلو قناة الجزيرة للجنة حماية الصحفيين إن القناة حاولت الاتصال مع تونسيين للحصول على تعليقاتهم حول هذه التغطية الإخبارية، فلم توفق في الاتصال مع بعضهم بينما رفض آخرون التصريح بأية تعليقات.
وقال صحفي تونسي للجنة حماية الصحفيين، وطلب عدم الإفصاح عن هويته خشية من انتقام حكومته، “إن التأثير السلبي الأشد لحملة التشهير المهينة هذه والتي لا سابقة لها، هو مناخ الخوف الذي نشرته بين العديد من التونسيين الذين رفضوا خلال الأسابيع الماضية المشاركة في مقابلات مع قناة الجزيرة”. وأضاف هذا الصحفي إن الحكومة تريد “السيطرة على هذه المحطة الإخبارية وكأنها إحدى وسائل الإعلام التونسية المشاكسة”.
زعمت صحيفة “كل الناس” الأسبوعية الخاصة والقريبة من وزارة الداخلية في عددها الأخير الذي صدر يوم السبت وعلى صدر صفحتها الأولى أن كل شيء في قطر، بما في ذلك وسائل الإعلام، يخضع لسيطرة إسرائيل. كما نسبت اقتباساً زائفاً للسيد وضاح خنفر، مدير قناة الجزيرة، يصف فيه القناة التي يعمل بها والتي تعد أكثر المحطات الفضائية الإخبارية انتشاراً في المنطقة، بأنها “قناة أمريكية إسرائيلية ناطقة باللغة العربية”. وقال صحفيون محليون ومدافعون عن حقوق الإنسان للجنة حماية الصحفيين إن صحيفة “كل الناس” وشقيقتها الصحيفة الأسبوعية “الأحداث” متخصصتان بمهاجمة أبرز ناقدي الرئيس بن علي.
نشرت صحيفة “كل الناس” سلسلة قصص صحفية على صفحتها الأولى بعنوان “حقيقة الجزيرة العارية”، وظلت تهاجم فيها الأسرة القطرية الحاكمة التي أسست قناة الجزيرة في عام 1996 – وهي المحطة التلفزيونية الأشد تاثيراً في العالم العربي، وزعمت الصحيفة أن القائمين على المحطة والصحفيين العاملين فيها يعيشون في عالم سفلي شائن تسوده الدعارة والجنس وأنهم يخضعون لتأثير أمريكا وإسرائيل. ولغاية الآن لم يصدر عن قناة الجزيرة ولا السلطات القطرية رد فعل علني على هذه الحملة من الإهانات والترهيب.
شاركت وسائل إعلام أخرى في حملة التشهير ضد قناة الجزيرة، بما فيها صحف مملوكة من قبل الحزب الحاكم، وصحف يملكها صهر الرئيس بن علي، وهو رجل الأعمال والسياسي الصاعد صخر الماطري، وقناة “هانيبال” الفضائية المؤيدة للحكومة. وقد أدت التغطية الناقدة التي تقدمها قناة الجزيرة إلى قيام السلطات التونسية بإغلاق سفارتها في قطر لمدة عدة أشهر في عام 2006، كما واصلت رفض منح بطاقة اعتماد صحفية لمراسل قناة الجزيرة في تونس السيد لطفي حجي.
وقال محمد عبو، وهو محامي حقوق إنسان بارز ومدوّن، للجنة حماية الصحفيين “لا يوجد شك أن تغطية قناة الجزيرة لتونس أخذت وبصفة متزايدة تثير غضب مسؤولين كبارا، وخصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، ومع تواصل انحدار مصداقية وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة”.
وفي أحيان عديدة استهدفت حملات التشهير المدعومة من الحكومة أيضا محمد عبو وصحفيين ناقدين آخرين مثل عبدالله زواري، وسهام بنسدرين، ونزيهة رجيبة. وفي يوم الجمعة، قامت الشرطة السياسية باحتجاز عبدالله زواري لمدة ثماني ساعات تقريباً وهددته بتشويه سمعته عبر نشر شريط فيديو على شبكة الإنترنت يظهر ما زعمت أنه سلوكه الجنسي إذا لم يتوقف عن الكتابة بصفة ناقدة عن الحكومة. وكان عبدالله زواري قد أُجبر حتى شهر آب/أغسطس الماضي على العيش على بعد مئات الأميال من أسرته ولمدة سبعة أعوام. وقال للجنة حماية الصحفيين إن المراقبة التي تقوم بها الشرطة حول منزله عادت يوم السبت، وبصفة تعسفية، إلى سابق عهدها.
وفي عام 2009، كتبت لجنة حماية الصحفيين رسالتين إلى الرئيس بن علي للاحتجاج على الاعتداءات المتزايدة على الصحفيين، وطالبت بإنهاء الرقابة الإدارية الطويلة والتعسفية على السيد عبدالله زواري. وفي وقت مبكر من هذا الشهر، استنكرت لجنة حماية الصحفيين استخدام الإدارة الحكومية والقضاء لإقالة مجلس نقابة الصحفيين التونسيين الوطنية والذي تم انتخابه بصفة ديمقراطية.