نيويورك، 23 شباط/فبراير 2012 – تطالب لجنة حماية الصحفيين السلطات السورية بالسماح بالمرور الآمن من أجل إخلاء أربعة صحفيين أجانب عالقين في مدينة حمص المحاصرة، إضافة إلى جثماني الصحفيين ماري كولفين وريمي أوتليك اللذين قتلا أثناء القصف العنيف الذين شنته القوات الحكومية.
وقال روبرت ماهوني، نائب مدير لجنة حماية الصحفيين، من القاهرة “يجب على سوريا أن تستجيب للنداءات الدولية لفرض وقف لإطلاق النار من أجل إتاحة إخلاء القتلى والجرحى في حمص”.
وقد لقيت الصحفية كولفين مصرعها، وهي أمريكية المولد ومراسلة صحيفة ‘ذا صنداي تايمز’ التي تصدر في لندن، كما لقي المصور الصحفي الفرنسي الحائز على جوائز مصرعه في الهجوم الذي شنته القوات الحكومية على حي بابا عمرو في حمص، وهي معقل للمعارضة وتخضع لحصار منذ بدايات شباط/فبراير.
كما أصيب المصور الصحفي بوول كونروي الذي يعمل في صحيفة ‘تايمز’ وإيديث بوفيه مراسلة صحيفة ‘لي فيغارو’ بجراح خطيرة، حسب تقارير الأنباء. وقد أصدر كونروي و بوفيه مناشدات عبر مقاطع فيديو تم نشرها على موقع يوتيوب من أجل إيقاف القصف ولإيصال مساعدات إنسانية وتمكينهما من المرور الآمن لتلقي العلاج خارج سوريا. وقد ظهر المصور الصحفي الفرنسي ويليام دانيال الذي يعمل مع صحيفتي ‘لي فيغارو’ و ‘تايمز’ في مقطع الفيديو مع الصحفية بوفيه. وعلى الرغم من أن التقارير الأولية أشارت إلى أن دانيال أصيب بجراح طفيفة، إلا أنه قال بأنه لم يصب بأذى. وكان الصحفي الإسباني خافيير إسبينوزا الذي يعمل مع صحيفة ‘إل موندو’ موجوداً في المركز الإعلامي المرتجل الذي تعرض للقصف في يوم الأربعاء، ولكنه تمكن من النجاة دون أي يصاب بأذى. وهو ينتظر أن يتم إخلاؤه برفقة كونروي وبوفيه ودانيال. وقد نشر إسبينوزا مقالاً في صحيفة ‘إل موندو’ في يوم الخميس حول هذا الهجوم.
وقال روبرت ماهوني، “إن زملاءنا الجرحى يصدرون مناشدات كي يتلقوا علاجا مناسباً”. وأضاف، “إنه من القسوة بمكان أن تعمد السلطات السورية إلى منع عائلتي ماري كولفين وريمي أوتليك وأصدقائهما من استلام جثمانيهما”.
وتحدثت عدة تقارير إخبارية عن الاعتقاد بأنه من الممكن أن الجيش السوري تعمّد استهداف الصحفيين في المركز الإعلامي المرتجل. وأفاد الصحفي جان-بيير بيرين للجنة حماية الصحفيين عبر غرفة دردشة على شبكة الإنترنت، وهو مراسل صحيفة ‘ليبيراسيون‘ الفرنسية اليومية والذي كان برفقة كولفين في حمص قبل بضعة أيام من مقتلها، “لقد تم نقل المركز الصحفي مرة واحدة من قبل لأنه تعرّض لاستهداف مباشر. أما المركز الصحفي الذي تعرض للقصف يوم أمس والذي يقع في الطابق الثالث في بناية، فقد تعرض في السابق لقذيفة. كما أن اللاقط الهوائي الفضائي أصبح مليئاً بالثقوب الناجمة عن رصاص القناصة”. وكان بيرين وكولفين وصحفيون آخرون قد تلقوا نصيحة بمغادرة حمص خشية من حدوث اعتداء على مقرهم، حسبما أفاد بيرين للصحيفة التي يعمل بها.
وكانت كولفين تستخدم هاتفاً يبث عبر الأقمار الصناعية للاتصال مع العالم الخارجي، وأفاد ناشط محلي لصحيفة ‘تيليغراف‘ البريطانية أن الجيش السوري كان يستهدف البنايات التي تصدر منها إشارات بث إعلامي. ولم يتم التأكد من هذا الزعم ومزاعم أخرى شبيهة. وثمة صحفيين آخرين يبثون عبر تقنيات تبث عبر الأقمار الصناعية.
وفي الرسالة الإخبارية الأخيرة التي بثتها كولفين من حمص، وذلك قبل بضعة ساعات فقط من الاعتداء الذي أدى إلى مصرعها، أخبرت محطة ‘سي أن أن‘ بأن الجيش السوري منهمك في “كذبة صارخة وكاملة” إذ يقول إن هجماته تستهدف إرهابيين. وبخصوص حصار حي بابا عمرو قالت إن “الجيش السوري يقوم ببساطة بقصف مدينة يقطنها مدنيون جياع ويعانون من البرد”.
وقد أعرب قادة دوليون عن سخطهم جراء الاعتداء الذي جرى في حمص – وقد وصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هذا الاعتداء بأنه “اغتيال” – وطالبوا النظام السوري بالتنحي عن السلطة كما طالبوا بإرسال مساعدات إنسانية فوراً، وفقاً لتقارير الأنباء. وفي تقرير عرض اليوم على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، استنتج فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة بأن المسؤولين السوريين “من أعلى المستويات” ارتكبوا إساءات جسيمة لحقوق الإنسان.
ووفقاً للوكالة العربية السورية للأنباء، وهي وكالة حكومية، أنكر وزير الخارجية السوري أي مسؤولية عن مقتل الصحفيين وأضاف أن النظام لم يكن على دراية بوجود صحفيين أجانب في البلاد.
إلا أنه في المقابلات العديدة التي أرسلتها كولفين لوسائل الإعلام الدولية، فقد كانت تجريها في حمص. وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن الحكومة السورية سعت إلى فرض حجب هائل على التغطية الإخبارية المستقلة منذ انطلاقة الانتفاضة في البلاد منذ عام تقريباً، وعمدت إلى السيطرة على التقارير الإخبارية المحلية وطردت عشرات الصحفيين الأجانب أو أنها منعتهم من دخول البلاد. وقد اضطر الصحفيون الأجانب إلى التسلل إلى سوريا ضمن ظروف شديدة الخطورة كي يتمكنوا من توفير تغطية إخبارية مستقلة. وقد قام المواطنون المستقلون الذين يقومون بنشاطات صحفية بالتقاط مقاطع مصورة عديدة للاعتداءات التي تعرضت لها حمص والمنطقة المحيطة بها. وقد لقي ثلاثة من مصوري الفيدو هؤلاء مصرعهم أثناء قيامهم بالتصوير. وبالمجمل، لقي سبعة صحفيين دوليين ومحليين مصرعهم في سوريا من تشرين الثاني/نوفمبر.