نيويورك، 25 كانون الثاني/يناير 2012 – قالت لجنة حماية الصحفيين اليوم إن قانون الإعلام الجزائري الجديد لا يرتقي إلى مستوى ما وعد به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالإصلاح كما أنه لا يفي بالمعايير الدولية لحرية التعبير.
لقد روجت الحكومة الجزائرية لقانون الإعلام الذي دخل حيز النفاذ في 12 كانون الثاني/يناير بوصفه خطوة كبيرة للنهوض بحرية الصحافة في البلاد، بيد أن صحفيين محليين ونشطاء من المجتمع المدني أعربوا عن قناعتهم بأن القانون لا زال يقيد الحريات الصحفية وطالبوا بتعديله، حسبما أفادت تقارير إخبارية. وقد أقرت السلطات الجزائرية القانون الجديد في كانون الأول/ديسمبر وذلك بعد الوعد الذي قطعه بوتفليقة في نيسان/إبريل بإجراء إصلاحات في الميدان الإعلامي. ويحل القانون الجديد محل قانون الإعلام التقييدي الذي صدر في عام 1990.
وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أن هذا القانون المكون من 133 مادة يحتوي على 32 مادة على الأقل يمكن استخدامها لتقييد حرية التعبير. وتتسم عدة مواد بغموضها وتفرض قيودا غير ضرورية على إمكانية الوصول إلى المعلومات إضافة إلى غرامات باهضة ضد من ينتهك القانون. ويتيح القانون فرض غرامات على الصحفيين تصل إلى 500,000 دينار جزائري (ما يعادل 6,706 دولار أمريكي)، وإمكانية إغلاق المطبوعات، إذا ما صدرت إدانة بحقهم بارتكاب جريمة التشهير وانتهاكات أخرى من بينها نشر معلومات حول تحقيقات جنائية أولية وإهانة رؤساء الدول والدبلوماسيين الأجانب، حسبما تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين. وبموجب قانون سنة 1990، كان يتم معاقبة الصحفيين بالسجن لفترة تصل إلى 10 سنوات بسبب إهانة الدولة أو التشهير بها.
وقال صحفيون محليون للجنة حماية الصحفيين إن القانون لم يقدم سوى تغييرات شكلية، على الرغم من أنه خطوة في الاتجاه الصحيح. وقال كمال عمراني، الأمين العام للنقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين، إنه على الرغم من احتواء القانون الجديد على بعض “المواد الإيجابية … إلا أنه يظل تقييديا بصفة عامة ولا ينهض بحرية الصحافة بالجزائر بل يقيدها”.
وقال محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “لم تلتزم الحكومة بتعهداتها بوضع قانون للصحافة من شأنه أن يوسع هامش حرية التعبير ويحرر المشهد الإعلامي. يجب على الحكومة إعادة النظر في قانون الإعلام الجديد وتعديل المواد التقييدية من أجل ضمان حرية الصحافة”.
أما الجوانب الملتبسة من القانون فقد نشأت عن التعريفات الغامضة في القانون الجديد والتي تفرض على الصحفيين والمدونين قيودا لا ضرورة لها. ويعرف القانون “وسائل الإعلام” بأنها كل نشر أو بث لوقائع أو أحداث أو رسائل أو آراء أو أفكار أو معارف، عبر أي وسيلة مكتوبة أو مسموعة أو متلفزوة أو إلكترونية، حسبما تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين. كما ينص القانون على أنه يمكن للموظفين الإعلاميين العمل بحرية ولكن يجب عليهم أن يحترموا “الدين الإسلامي وباقي الأديان” و “الهوية الوطنية والقيم الثقافية للمجتمع” و “متطلبات أمن الدولة والدفاع الوطني” و “متطلبات النظام العام” و “المصالح الاقتصادية للبلاد”، إضافة إلى جوانب أخرى فضفاضة التعريف.
كما يضع القانون الجديد قيوداً لا ضرورة لها على ملكية وسائل الإعلام وإدارتها، إذ ينص على وجوب أن تتوفر لمدير أي مطبوعة دورية خبرة لا تقل عن 10 سنوات في العمل في المطبوعات الدورية، وهو أمر لم يكن مطلوبا بموجب قانون سنة 1990. علاوة على ذلك، ما زال القانون الجديد يحظر التغطية الإعلامية في مجالات غامضة التعريف كان ينص عليها القانون القديم، ومن بينها “عندما يكون من شأن الخبر المساس بالسياسية الخارجية والمصالح الاقتصادية للبلاد” و “عندما يتعلق الخبر بسر البحث والتحقيق القضائي”، حسبما تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين.
وعلى الرغم من أنه تم إقرار التشريع الجديد بأغلبية الأصوات في غرفتي البرلمان، إلا أن أعضاء الغرفة الأولى من البرلمان من المنتسبين لحزب النهضة المعارض خرجوا من القاعة احتجاجا على القانون، وفقا لما أوردته تقارير إخبارية. كما نظم مجموعة من الصحفيين اعتصاماً أمام مبنى البرلمان في يوم التصويت على القانون، وطالبوا بإعادة النظر في القانون، حسبما أفادت قناة ‘الجزيرة’.