أهم التطورات
> إسرائيل تمنع الصحافة الدولية من الوصول إلى مناطق القتال في غزة.
> فتح وحماس تعتقلان وتضايقان وسائل الإعلام التي تعتبرانها منحازة.
أرقام مهمة
4 مبانٍ لوسائل الإعلام الإخبارية في قطاع غزة قصفتها الغارات الجوية الإسرائيلية.
شن الجيش الإسرائيلي مع بداية السنة هجوماً برياً على قطاع غزة رداً على سلسلة هجمات صاروخية لحماس على الأراضي الإسرائيلية وقد سبق الهجمات البرية قصف جوي إسرائيلي مكثف. وخلال الصراع الذي دام شهراً، دمرت الغارات الجوية التي شنتها قوات جيش الدفاع الإسرائيلي المقر الرئيسي لمحطة “الأقصى” التلفزيونية التي تديرها حماس، كما أنها قصفت ثلاث مبانٍ أخرى على الأقل تابعة لوسائل الإعلام وجرحت العديد من الصحفيين المحليين الذي كانوا يحاولون تغطية الهجوم. وفي الوقت ذاته، منعت السلطات الإسرائيلية بصورة كبيرة الصحفيين الأجانب من الوصول إلى غزة وفرضت في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2008 قيوداً تم تشديدها بعد بدء الهجوم الإسرائيلي.
بحلول الوقت الذي انسحبت فيه القوات الإسرائيلية ، أي في 21 كانون الثاني/يناير، بلغ عدد القتلى 13 إسرائيليا وأكثر من 1,000 فلسطيني وذلك وفقاً للأرقام الصادرة عن كل من وزارة الصحة الفلسطينية في غزة والجيش الإسرائيلي. لقد حدَّت القيود الإسرائيلية الشاملة على وسائل الإعلام بصورة كبيرة من تغطية الهجوم على غزة وتناقضت مع حكم أصدرته المحكمة الإسرائيلية العليا ومع مبادئ القانون الدولي. وقد أعلنت رابطة الصحافة الأجنبية في القدس في بيان أصدرته بأن “المنع غير المسبوق لوسائل الأعلام الدولية من الوصول إلى غزة يعد انتهاكاً صارخاً لحرية الصحافة ويضع إسرائيل ضمن مجموعة صغيرة من الأنظمة في العالم التي تمنع بشكل منتظم الصحفيين من القيام بعملهم”. لقد سُمح فقط لخمسة عشر صحفياً -تم اختيارهم بعناية من قبل الجيش الإسرائيلي لمرافقة القوات الإسرائيلية- بالدخول إلى قطاع غزة خلال الحرب. (وفي الأيام الأخيرة للصراع، تمكن عدد قليل من الصحفيين الدوليين من الوصول إلى غزة عبر معبر رفح المصري، إما عن طريق التسلل أو بإقناع الحراس المصريين بالسماح لهم بالدخول). وهنالك عدد قليل من الصحفيين الدوليين الذين تواجدوا في غزة قبل الهجوم وظلوا فيها طيلة فترة القتال.
كانت القيود المفروضة على الصحافة جزءاً من معركة علاقات عامة هائلة حول مدى تغطية النزاع في الصحافة الدولية. وقد شدد المسؤولون الإسرائيليون على الهجمات الصاروخية لحماس وعلى ما قيل عن استخدامها للدروع البشرية، بينما قامت محطات التلفزة العربية ببث صور لضحايا غزة بصورة متواصلة. وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن مئات الصحفيين الأجانب الذين سافروا إلى إسرائيل لتغطية الحرب تم منعهم بشكل متكرر من عبور الحدود حيث كان المراسلون “ينتظرون في مجموعات بعيداً عن الاتصال المباشر مع أي قتال أو أية معاناة للفلسطينيين، ولكن تم تمكينهم من الوصول إلى المعلقين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين الذين كانوا تواقين إلى أخذهم لجولات في جنوب إسرائيل ليروهم المواقع حيث روعت صواريخ حماس المدنيين”. وقد صرح دانييل سيمان، مدير المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية، لصحيفة نيوروك تايمز بأن “أي صحفي يدخل إلى غزة سيصبح بمثابة وسيلة أو ورقة توت تخفي وراءها حقيقة منظمة حماس الإرهابية، وأنا لا أرى أي سبب يوجب علينا المساعدة في ذلك”. ووسط هذه الحظر، تعرض الصحفيون الفلسطينيون العاملون مع منظمات الصحافة المحلية والدولية لهجمات متكررة وهم ينقلون إلى المشاهدين في شتى أنحاء العالم أخبار الهجوم العسكري الإسرائيلي. لقد كانت قدرة هؤلاء الصحفيين الفلسطينيين على الحركة محددة سلفاً بعدم وجود ترخيص من قبل السلطات الإسرائيلية.
وفي 25 كانون الثاني/يناير، واستجابة لدعوى قضائية رفعتها رابطة الصحافة الأجنبية، ألغت المحكمة الإسرائيلية العليا الحظر المفروض على دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة. وقد كانت المحكمة العليا قد أوعزت في قرار سابق لها صدر في 31 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى الحكومة بمنح 12 صحفياً إذن الدخول إلى غزة كلما تم فتح معبر إيريتز في الطرف الشمالي من القطاع، إلا أن الحكومة لم تقم بتنفيذ أمر المحكمة. وحتى بعد صدور قرار 25 كانون الثاني/ يناير، رفضت السلطات الإسرائيلية الالتزام علنا بمنح حرية الحركة للصحفيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بعد فترة طويلة من انتهاء الهجوم على غزة، استمرت معركة الرأي العام العالمي على شكل مواجهة دبلوماسية حول كيفية التعامل مع النتائج التي توصلت لها لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة الموفدة إلى غزة. وقد توصل تقرير اللجنة المكون من 575 صفحة والمعروف باسم تقرير غولدستون -نسبة إلى رئيسها ريتشارد غولدستون وهو قاضٍ جنوب أفريقي- الصادر في أيلول/سبتمبر إلى أن كلاً من قوات الأمن الإسرائيلية ونشطاء حماس قد ارتكبا، خلال حرب غزة، جرائم حرب وانتهاكات خطيرة بحق القانون الإنساني قد ترقى إلى مستوي الجرائم ضد الإنسانية. ومن بين النتائج الأخرى التي توصل إليها تقرير غولدستون أن الجنود الإسرائيليين تعمدوا استهداف المدنيين في غزة. (وقد أنكرت السلطات الإسرائيلية استهداف المدنيين، على الرغم من اعترافها بوجود خسائر مصاحِبة بين صفوف المدنيين). وقد أثار التقرير غضباً دولياً حيث اتهم معارضوه البعثة بشدة بالتحيز ضد إسرائيل في حين مارست جامعة الدول العربية ضغوطات من أجل تبنيه من قبل مجلس الأمن الدولي. كما أدان مجلس النواب الأميركي التقرير في قرار صدر عنه. بالنسبة للكثيرين، أكد الجدل حول نتائج التقرير على أهمية الحاجة إلى توسيع نطاق إمكانية دخول الصحفيين إلى غزة.
وفي 15 كانون الثاني/يناير، أطلق الجيش الإسرائيلي صاروخاً واحداً على الأقل على مبنى برج الشروق في مدينة غزة الذي كان يضم أكثر من اثنتي عشر شركة إخبارية دولية وشركات إنتاج بما فيها وكالة رويترز وفوكس نيوز وقناة العربية التي تبث من دبي. وقد أدخل صحفيان من العاملين في تلفزيون أبو ظبي إلى المستشفي جراء إصابات في الرأس والجذع. وأدى الانفجار أيضاً إلى تدمير مولدات الطاقة مما أجبر الموظفين على إخلاء المبنى. وقد ذكرت العديد من وكالات الأنباء أنها زودت الجيش الإسرائيلي بإحداثيات تبين مواقع مكاتبها، كما ذكرت وكالة رويترز بأن الجيش الإسرائيلي أعطى الوكالة تأكيدات عديدة بعدم استهدافها. وصرح متحدث عسكري إسرائيلي لوكالة رويترز بأن نشطاء حماس كانوا قد استولوا على مكتب إعلامي في تلك المنطقة. وقد توصل البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين إلى أن اتهامات الجيش الإسرائيلي حول عملية الاستيلاء العسكري على المكتب هي اتهامات غامضة وغير مؤيدة بشهود عيان. وقد شككت رويترز علناً بهذا الادعاء.
وفي نيسان/إبريل، كتبت لجنة حماية الصحفيين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحث الحكومة الإسرائيلية فيها على مراجعة القيود التي فرضت على الصحفيين والضربات العسكرية التي وجهت إلى منشآت إعلامية خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة وعلى جعل الممارسات والسياسات الرسمية متوافقة مع المعايير الدولية. وقد حثت اللجنة على وجه الخصوص السلطات الإسرائيلية على عدم فرض قيود شاملة على وسائل الإعلام في المستقبل، وإجراء تحقيقات فورية ودقيقة حول استهداف المنشآت الإعلامية خلال النزاع والإعلان عن نتائج التحقيق.
وفي حزيران/يونيو، وبعد أشهر من انتهاء القتال في غزة، حكمت محكمة إسرائيلية على اثنين من مراسلي القنوات التلفزيونية بالسجن شهرين بتهمة مخالفة قانون الرقابة العسكرية خلال الهجوم، وهما خضر شاهين، وهو مراسل لمحطة “العالم” الفضائية الإيرانية، والمنتج، محمد سرحان اللذين أطلق سراحهما لحين الاستئناف، طبقا لما ذكره محامي الدفاع عنهما. وكان شاهين وسرحان قد اعتقلا في كانون الثاني/يناير لمدة 10 أيام بتهمة كشف التحركات العسكرية الإسرائيلية في الشهر السابق. ويتيح قانون الرقابة العسكرية للسلطات تحديد المواد التي لا يجوز نشرها وعلى الصحفيين المحليين والأجانب الالتزام بهذا القانون كشرط للعمل في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد أشار البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين إلى أن شاهين وسرحان قد قاما بنقل الأنباء ذاتها التي أوردها صحفيون آخرون كثيرون. وقد احتجت اللجنة على الحكم الذي أصدرته المحكمة الإسرائيلية ضد شاهين وسرحان ودعت المحاكم إلى إلغائه.
أما في الأراضي الفلسطينية، فقد اتسعت شُقة الخلافات ما بين فتح، التي كانت يوماً الطرف الرئيسي في حركة الوطنية الفلسطينية، وبين الفصيل الإسلامي حماس بعد انهيار فترة التحالف قصيرة الأمد بينهما في حزيران/ يونيو 2007. وقد أحكمت حماس سيطرتها على قطاع غزة في حين احتفظت السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحكم حركة فتح في الضفة الغربية. وتعرض الصحفيون العاملون في الأراضي الفلسطينية للمضايقات والرقابة من قبل مسؤولي حماس في غزة ومن قبل مسؤولي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وقام كل طرف منهما بحظر توزيع المطبوعات التي اعتبرت مؤيدة للطرف الآخر، وتم اعتقال العديد من الصحفيين لفترات قصيرة عموماً في حين احتُجز البعض أياماً في بعض الحالات.
وفي أواخر كانون الثاني/يناير، اعتقلت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية اثنين من الصحفيين العاملين لحساب محطة “القدس” ومقرها لندن، فقد تم اعتقال مراسل المحطة في نابلس سامر قويرة من قبل الأمن الوقائي في السلطة واتهم بانحيازه لحماس وهي تهمة أنكرها قويرة. وذكر قويرة للجنة حماية الصحفيين بأنه أمضى أسبوعاً في الحبس الانفرادي في سجن الجنيد في نابلس قبل نقله إلى زنزانة عادية وأفرج عنه في أوائل شهر آذار/ مارس. وتم بعد ذلك اعتقال زميله الصحفي أحمد بيكاوي، وهو مراسل المحطة في جنين بعد استدعائه من قبل مقر المخابرات العسكرية، وإيداعه في السجن نفسه حتى منتصف نيسان/ إبريل. كما اعتقلت قوات الأمن عصام الريماوي الذي يعمل مصوراً لوكالة الإنباء التابعة للسلطة الفلسطينية أواخر شهر كانون الثاني/يناير، واحتجزته في سجن بيتونيا قرب رام الله ثم أطلق سراحه في 10 شباط/فبراير. وقد انتقدت لجنة حماية الصحفيين تلك الاعتقالات ودعت السلطة الفلسطينية إلى توجيه اتهام إلى الصحفيين أو إطلاق سراحهم.
وفي تموز/ يوليو، أصدرت السلطة الفلسطينية تعليمات إلى قناة الجزيرة بوقف عملها في الضفة الغربية لمدة أربعة أيام بعد أن بثت القناة الفضائية تصريحات مثيرة للجدل لفاروق القدومي، وهو أحد قادة حركة فتح، عن عباس اتهمه فيها القدومي بالتورط مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون في مؤامرة لاغتيال ياسر عرفات وغيره من القادة الفلسطينيين في عام 2004. وحسب موقع الجزيرة الإلكتروني، وصف وزير الإعلام الفلسطيني هذه الاتهامات بأنها غير صحيحة واتهم قناة الجزيرة “بتكريس جزء كبير من بثها للتحريض ضد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية”. ويوجد لدى الجزيرة نحو 30 مراسلاً ومشغل كاميرات ومعاون وفني في الضفة الغربية.
من ناحية ثانية، يواجه الصحفيون العاملون في الأراضي الفلسطينية مضايقات من السلطات الإسرائيلية أيضاً، حيث قامت قوات الأمن الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر بالاعتداء على صحفي يعمل لحساب وكالة “بريس فوتو” الأوروبية (EPA) شرق مدينة الخليل وذلك وفقاً لما ذكره المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الصحفية (مدى)(MADA). وذكر المركز بأن الجنود الإسرائيليين قاموا بركل المراسل والمصور عبد الحفيظ الهشلمون وضربة بالبنادق وذلك عند تصويره لجنود إسرائيليين زعم أنهم قد قاموا بتدمير أنابيب الري تابعة لمزارعين فلسطينيين. وفي قضية منفصلة في تشرين الأول/ أكتوبر، قال مصور “بريس فوتو” ناجح الهشلمون إن عمال الإدارة المدنية الإسرائيلية قاموا بضربه على وجهه بالكاميرا، حسب مركز مدى. وفي حزيران/ يونيو، اعتدى جنود إسرائيليون بالاعتداء على خمسة مصورين صحفيين يعملون لوسائل الإعلام الدولية ومنعتهم من تغطية تجمع لنشطاء فلسطينيين وإسرائيليين للاحتجاج على مصادرة أراضٍ للمزارعين، حسب مجموعة سكايز (Skeyes) للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية في العالم العربي. وذكر أحد الصحفيين أن جندياً دفعه مما أدى إلى سقوطه وارتطام رأسه بالأرض وفقدانه لوعيه.
كما قامت قوات الأمن الإسرائيلية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وفقا لمركز مدى ومصادر أخرى، بالتخفي على هيئة صحفيين والتسلل بين مجموعة من المتظاهرين الفلسطينيين في القدس. وقد أفاد عوض عوض، رئيس لجنة المصورين الصحفيين الفلسطينيين بأن رجال الأمن كانوا يرتدون ملابس مصورين ويحملون الكاميرات. وقام هؤلاء باعتقال عدد من الشبان المشاركين في المظاهرة.