أهم التطورات
> السلطات تحجب المواقع الإلكترونية التي تنتقد الحكومة والملك والإسلام.
> لجوء المسؤولين إلى تقديم شكاوى قضائية مسيسة بحق الصحفيين المنتقدين.
أرقام مهمة
أمرت وزارة الإعلام في شهر أيلول/ سبتمبر بحجب 1,040 موقعاً إلكترونياً على شبكة الإنترنت.
قطعت البحرين خطوات كبيرة على صعيد تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان منذ الإصلاحات السياسية التي تم سنها في عام 2001، ولا سيما فيما يتعلق بالاقتراع العام وحل نظام محاكم أمن الدولة الجائر. ولكن ثمة بعض الإصلاحات التي لم تتحقق بعدُ بالكامل ومنها رفع مستوى التمثيل السياسي للأغلبية الشيعية المهمشة وضمان مكانة أكثر إنصافاً للمرأة في محاكم الأسرة. ولكن شهد مناخ حرية الصحافة، الذي تحسَّن مع إنشاء سبع صحف مستقلة في أعقاب إصلاحات عام 2001، تدهوراً تدريجياً على مدار السنوات القليلة الماضية. وقد تسارعت وتيرة هذا الانحدار في عام 2009 حيث حجبت الحكومة أكثر من 1,000 موقع إلكتروني ولجأت إلى رفع الشكاوى المسيسة أمام المحاكم ضد الصحفيين الناقدين.
أصدرت وزيرة الإعلام والثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في شهر كانون الثاني/ يناير أمراً يفرض على مزودي خدمة الإنترنت حجب المواقع الإلكترونية التي تقرر الوزارة بأنها مهينة. ورغم الاحتجاجات التي أطلقتها مجموعات عديدة مدافعة عن حرية الصحافة بما فيها لجنة حماية الصحفيين، قامت الحكومة بحجب عشرات المواقع إبان الأشهر الثمانية الأولى من عام 2009. وقد تصاعدت وتيرة الجهود الرقابية في شهر أيلول/ سبتمبر حينما أمرت وزارة الإعلام هيئة تنظيم الاتصالات، وهي الهيئة الحكومية المنظمة لخدمة الإنترنت، حجب 1,040 موقعاً إضافياً، حسبما أفاد مركز البحرين لحقوق الإنسان. ورغم زعم الحكومة بأن حملتها تستهدف المواد الإباحية، إلا إن بحث لجنة حماية الصحفيين يظهر أن الحجب قد طال مدونات صحفية ومواقع إخبارية ومنتديات للحوار ومواقع مخصصة لحقوق الإنسان. وقد ظهرت على شاشات مستخدمي الإنترنت الذين حاولوا الوصول إلى تلك الصفحات رسالة نصها: “هذا الموقع مغلق لمخالفته الأنظمة والقوانين في مملكة البحرين”.
تمتلك البحرين واحدة من أعلى نسب الإتصال بشبكة الإنترنت بين سكانها مقارنة ببلدان المنطقة حيث إن ثلث سكانها يستخدمون الإنترنت. وكانت البحرين، وفقاً لمركز البحرين لحقوق الإنسان، تستضيف مئات المواقع الإلكترونية من بينها 200 مدونة تقريباً ركز الكثير منها على القضايا السياسية والاجتماعية، ومعظمها مجهول المؤلف. كما تقوم البحرين بترشيح محتوى المواقع المنتقدة للحكومة والعائلة الحاكمة والإسلام، وفقاً لما توصلت إليه دراسة نشرتها في آب/ أغسطس 2009 مبادرة الشبكة المفتوحة، وهي شراكة أكاديمية تعنى بدراسة الرقابة على شبكة الإنترنت.
يعكس الانفصام على شبكة الإنترنت تطور البلاد السياسي على مدى العقد الماضي: خطوات نحو الإصلاح والشفافية تتبعها خطوات إلى الوراء باتجاه القمع. اعتلى حمد بن عيسى آل خليفة السلطة كأمير للبلاد بدلاً من أبيه الأكثر تحفظاً في عام 1999 وأعلن نفسه ملكاً في عام 2002. وكاستجابة للمطالب التي نادت بها الغالبية الشيعية المحرومة في البلاد منذ عقود طويلة، قاد حمد بن عيسى إصلاحات بارزة في عام 2001 تضمنت إطلاق سراح سجناء سياسيين وعودة منفيين وصياغة دستور جديد أحيا البرلمان بعد ثلاثة عقود من السبات. وبعد إصلاحات عام 2001، عادت الحياة إلى وسائل الإعلام البحرينية وأخذت خمس صحف ناطقة بالعربية واثنتين بالإنجليزية تتناول مواضيع حساسة كحقوق الإنسان والفساد والتمييز ضد المواطنين الشيعة. وسعياً لمواجهة ظهور وسائل الإعلام الإخبارية الناقدة، تبنت الحكومة أدوات تشريعية لكتم المحتوى.
واصلت الوكالات الحكومية، بالرغم من الضمانات الدستورية لحرية الصحافة، تطبيق قانون الصحافة والمطبوعات الصارم والصادر عام 2002، وهو يفرض أحكاماً بالسجن لمدد تصل إلى خمس سنوات على خلفية نشر مواد تعتبر مهينة للإسلام أو الملك أو أنها تقوض أمن الدولة أو النظام الملكي. وقد اقترح مجلس الشورى المُعيَّن في مناسبتين – كان آخرها في عام 2008 – إدخال تعديلات على قانون الصحافة بغية تخفيف أقسى ما يرد فيه من أحكام، بيد أن مجلس النواب المنتخب والخاضع لسيطرة العناصر المحافظة كان يرفض التعديلات المقترحة في كل مرة.
كما لجأ مسؤولون حكوميون إلى التقدم بشكاوى جنائية مُسيَّسة بحق صحفيين أعدا تحقيقات صحفية حول فساد عام مزعوم. وفي كل قضية، بدت الحكومة عازمة على مضايقة الصحفيين من خلال استدعائهما مراراً وتكراراً للمثول أمام المحكمة أكثر منها على حبسهما.
أدينت مريم الشروقي، مراسلة صحيفة “الوسط” المستقلة، في أيلول/ سبتمبر بتهمة الإهانة على خلفية مادة نشرتها في عام 2008 زعمت فيها وجود تمييز ديني في سياسات التوظيف لدى ديوان الخدمة المدنية. وعلى إثر تلك المقالة، تقدم الديوان بشكوى جنائية بحق الصحفية متهماً إياها بالإهانة وكذلك بالتلفيق والتشهير وهما تهمتان أكثر جسامة من تلك الأولى. وفي نهاية المطاف، نقضت المحكمة الجنائية العليا التهم الأكثر جسامة وأمرت مريم الشروقي بدفع غرامة مقدارها 50 ديناراً (133 دولاراً أمريكياً). كما أمرت المحكمة صحيفة “الوسط” بنشر موجز الحكم في المكان نفسه حيث نُشرت المادة الأصلية. وفي أواخر عام 2009 كان استئناف القضية لا يزال قيد النظر.
كما استدعيت لميس ضيف، وهي إحدى كتاب الأعمدة في صحيفة “الوقت” اليومية الخاصة، للمثول أمام المحكمة بتهمة إهانة القضاء في سلسلة مقالات نشرت في شهر شباط/ فبراير وحملت عنوان “ملف العار الكبير”. وقد تناولت المقالات بالتفصيل التحيز المزعوم ضد المرأة في محاكم الأسرة، وعكست إحدى الإصلاحات السياسية لعام 2001 والتي لم تتحقق. وقد تقدم المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى هيئة إدارية في السلطة القضائية، بشكوى جنائية بحق لميس ضيف بعد أن رفضت مطلب مسؤول قضائي بكتابة اعتذار ومقالة تشيد بالنظام القضائي. وقد عُلِّقت القضية في أيلول/ سبتمبر ولكنها قد تُبعث من جديد في أي وقت.