هذا الأمل لا يزال يتم تقويضه من جراء استمرار الجيش الامريكي في احتجاز الصحفيين. هناك أربعة عشر صحفيا تم احتجازهم لفترات طويلة من دون مراعاة للأصول القانونية في العراق وافغانستان وغوانتانامو. وثمة صحافي واحد لا يزال وراء القضبان. إبراهيم جسام ، هو مصور حر يعمل مع وكالة رويترز ، تم اعتقاله في 2 أيلول / سبتمبر من قبل القوات الامريكية في بغداد. وفي 30 تشرين الثاني / نوفمبر قضت المحكمة الجنائية المركزية العراقية بأن ليس ثمة دليل على إدانة جسام، ومن ثم أمرت الجيش الامريكي بإطلاق سراحه. ولكن الرائد بالجيش الأميركي إريك لارسن أخبر لجنة حماية الصحفيين في كانون الأول / ديسمبر أنه على الرغم من الحكم الصادر عن المحكمة العراقية فإنه يمكن أن يستمر احتجاز جسام إذا ما كان يمثل تهديدا أمنيا. وقال لارسن أن سيتم إعادة النظر في القضية أمام هيئة عسكرية ، وهو ما قد يستغرق نحو 60 يوما.
وتشمل قائمة الصحفيين الآخرين الذين تم احتجازهم دون محاكمة من قبل الجيش الأمريكي كلا من :
· بلال حسين ، المصور العراقي ، الذي كان ضمن فريق وكالة أسوشيتد برس والفائز بجائزة بوليتزر عام 2005. تم اعتقاله عام 2006 ، وبقي رهن الاحتجاز لمدة عامين دون توجيه أية تهمة إليه. وفي تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، منحت لجنة حماية الصحفيين حسين جائزة حرية الصحافة الدولية.
· أحمد جافيد ، وهو منتج ميداني أفغاني يعمل مع محطة CTV الكندية، اعتقل في 2007 في قاعدة جوية تابعة لحلف شمال الأطلسي بالقرب من قندهار. تم نقل أحمد بعد ذلك إلى قاعدة باجرام الجوية خارج كابول ، حيث تم احتجازه لمدة 11 شهرا دون توجيه أية اتهامات إليه.
· سامي الحاج ، وهو مصور سوداني يعمل مع قناة الجزيرة ، اعتقلته القوات الباكستانية في عام 2001 في منطقة الحدود الافغانية الباكستانية في الوقت الذي كان يغطي الهجوم الذي قادته القوات الأمريكية للإطاحة بحكم حركة طالبان. تم تسليمه إلى القوات الأمريكية، ليتم نقله فيما بعد إلى معتقل غوانتانامو ، حيث بقي رهن الاحتجاز لمدة ست سنوات دون توجيه أية اتهامات إليه.
وباستثناء حالة جسام الذي لا يزال قيد الاحتجاز حتى اليوم، فإن جميع الصحفيين الثلاثة عشر المحتجزين من قبل الجيش الأمريكي تم إطلاق سراحهم دون توجيه أية اتهامات بعدما قضوا أسابيع ، أو أشهر ، أو عدة سنوات في السجن. إن هذه الممارسة تنتهك الالتزام الذي على الجيش الامريكي بإعادة النظر في القضايا المتعلقة بالصحفيين في غضون 36 ساعة من الاعتقال. وفي آذار / مارس 2006 ، أخبر مسؤولون عسكريون امريكيون في بغداد وواشنطن وكالة رويترز ولجنة حماية الصحفيين عن إجراء جديد لتحقيق سريع وعلى مستوى عال من الاهتمام في قضايا احتجاز الصحافيين لضمان أن الصحفيين العاملين لن يتم احتجازهم بدون تهمة لفترات طويلة. لكن الاجراء الذي أعلن عنه مؤخرا يبدو أنه تم التخلي عنه في غضون أشهر ، كما سبق وأشرت في رسالتي في تشرين الثاني / نوفمبر 2006 إلى وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد.
إنني أعتقد أن إلغاء ممارسة احتجاز الصحفيين لفترات طويلة بدون اتباع الإجراءات القانونية من شأنه أن يرسل إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تتمسك بالتزامها التاريخي بحرية التعبير.
والأمر الذي سيعزز من تلك الإشارة هو الالتزام الواضح من جانب إدارتكم بأن يجري الجيش الأمريكي تحقيقا شاملا في مقتل أي صحفي على يد القوات الامريكية. فمنذ عام 2003 ، لقي ما لا يقل عن 16 صحفيا مصرعهم وأصيب آخرون بجروح خطيرة من جراء إطلاق النار عليهم من قبل القوات الامريكية في العراق. ، وفي حدود ما نعلمه حتى الآن أن السلطات العسكرية الأمريكية قد أجرت تحقيقات في عدد قليل من الحالات التي تعد على أصابع اليد الواحدة. وقد انتهت التحقيقات إلى تبرئة الجنود المتورطين في كلٍّ من تلك الحالات.
وبعض تلك التحقيقات أخفقت في التوصل إلى إجابات عن أسئلة تتعلق بإصدار أوامر العمليات والسيطرة عليها، أو كان فيها تناقض في أقوال الشهود. ولقد كشف تقرير للجنة حماية الصحفيين أن ثمة انهيار واضح في إصدار أوامر العمليات والسيطرة عليها ساهم في وقوع ذلك الحادث في عام 2003 حينما أطلقت دبابة أمريكية النار على فندق فلسطين ، مما أسفر عن مقتل اثنين من الصحفيين. تحقيقات أخرى أجرتها السلطات العسكرية الأمريكية خلصت إلى توصيات محددة لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث ، بما فيها إعادة النظر في قواعد الاشتباك ، وإدخال تحسينات على الإجراءات الخاصة بإصدار أوامر العمليات والسيطرة عليها، وكذا الإجراءات عند نقاط التفتيش.
لقد أعربت كل من لجنة حماية الصحفيين ومنظمة هيومن رايتس ووتش عن مخاوفهما بشأن الأمن في نقاط التفتيش في رسالة تم إرسالها عام 2005 إلى وزير الدفاع رامسفيلد. لكن لم يتضح بعد ما إذا كان الجيش الأمريكي – أو إلى أي درجة – قد بدأ ينفذ ما صدر عنه أو من آخرين من توصيات.
وعلاوة على ذلك ، فإن الجيش الامريكى لم يعلن نتائج التحقيقات بشأن معظم القضايا المتعلقة بالصحفيين والتي كانت القوات الامريكية ضالعة فيها. وهذه القضايا تشمل الغارة الجوية التي تم شنها عام 2003 على مكتب شبكة تلفزيون الجزيرة ببغداد التي أسفرت عن مقتل طارق أيوب مراسل القناة.
وينبغي أن تضطلع وزارة الدفاع (البنتاجون) في أقرب وقت بإجراء تحقيق مدقق في وفاة أي صحفي لقي مصرعه بنيران القوات الأمريكية. ونتائج هذه التحقيقات ينبغي أن تعلن على الجميع، والدروس المستفادة منها ينبغي أن تدرج لاحقا في الإجراءات الخاصة بالعمليات.
كما أود أن أطلب منكم تشجيع الجيش الأمريكي على تبني إجراءات لزيادة الوعي بين الجنود فيما يتعلق بالصحفيين في الميدان. فبينما تجد القوات الأمريكية نفسها فى مواجهات على نحو متزايد مع أعداء يتحركون وسط تواجد كثيف لجماعات المدنيين ، يصير حتميا أن يتم تدريبهم على تقبل وجود الصحفيين المحليين الذين لديهم الحق المشروع في تغطية الصراع. كثيرا ما يرد إلى لجنة حماية الصحفيين بلاغات من صحفيين محليين في بلدان مثل أفغانستان والعراق ، عن إساءات لفظية – وأحيانا بدنية – من قبل القوات الامريكية.
لجنة حماية الصحفيين هي منظمة غير حزبية وغير ربحية لا تقبل أموالا حكومية، وتعمل على الدفاع عن حرية الصحافة على الصعيد العالمي. ومنذ تأسست لجنة حماية الصحفيين عام 1981 من قبل عدد من الصحفيين الأمريكيين المهتمين بأحوال زملاء مهنتهم في الخارج ، فإن الأغلبية الساحقة من عملنا تركز على الدفاع عن الصحفيين الذين يعملون في بعض من أشد المناطق صعوبة في مختلف أنحاء العالم.
أعظم الأخطار التي تهدد حرية الصحافة هما خطران؛ أولهما الارتفاع المخيف في معدل الإفلات من العقاب في حوادث قتل الصحفيين في جميع أنحاء العالم، حيث أن ما يقرب من ثلاثة من أصل أربعة من الصحفيين الذين يلقون مصرعهم أثناء تأدية واجبهم المهني ماتوا قتلا ، والقتلة يفلتون من العقاب في ما يقرب من تسعة من 10 من الحالات. وثاني أعظم الأخطار هو حبس الصحفيين بسبب ممارستهم لعملهم، إذ يقبع ما لا يقل عن 125 صحفيا في السجون في مختلف أنحاء العالم (في إحصاء تم إجرائه حتى 1 ديسمبر 2008). وما يقرب من نصف هؤلاء الصحافيين المسجونين هم صحفيون على الانترنت، حيث أصبحوا الآن في السجون أكثر من الصحافيين العاملين في أي وسيلة أخرى. من ثم فإن لجنة حماية الصحفيين تركز على هذه القضايا ، إلى جانب العديد من الأشكال الأخرى للقيود المفروضة على حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم.
لا يمكنني أن أشدد بما فيه الكفاية على أهمية دفاع واشنطن الذي لا يلين عن حرية الإعلام في هذا الوقت الذي يتنامى فيه القمع والرقابة والاعتداء على الصحفيين في جميع أنحاء العالم. من أجل ذلك أشجعكم لاعتماد قضية حرية الصحافة كجزء لا يتجزأ من سياستكم الداخلية والخارجية على حد السواء. وكما يقول توماس جيفرسون ، “إن حريتنا تعتمد على حرية الصحافة ، وتلك لا يمكن تقييدها دون التعرض للضياع.”
مع خالص التقدير،
بول ستيجر