ربما لاحظ المراقبون لحملة الانتخابات الرئاسية في إيران في يونيو/حزيران 2013 أمرين: لقد تودد المرشح الفائز، الرئيس حسن روحاني، للشباب والإصلاحيين للحصول على أصواتهم قبل أن يقرر الإصلاحي الحقيقي، محمد رضا عريف، الانسحاب من المنافسة؛ وكذلك استخدام روحاني لوسائل التواصل الاجتماعي باللغتين الإنجليزية والفارسية كي يتواصل مع الناس، على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي محظورة في إيران.
حسن روحاني والأمل بمزيد من الحرية في إيران
إعداد: د. بارفاز
ربما لاحظ المراقبون لحملة الانتخابات الرئاسية في إيران في يونيو/حزيران 2013 أمرين: لقد تودد المرشح الفائز، الرئيس حسن روحاني، للشباب والإصلاحيين للحصول على أصواتهم قبل أن يقرر الإصلاحي الحقيقي، محمد رضا عريف، الانسحاب من المنافسة؛ وكذلك استخدام روحاني لوسائل التواصل الاجتماعي باللغتين الإنجليزية والفارسية كي يتواصل مع الناس، على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي محظورة في إيران.
ومنذ أن تسلم روحاني زمام منصبه في 3 أغسطس/آب، واصل البناء على تعليقات أدلى بها أثناء المناظرات الانتخابية التلفزيونة حيث تحدث عن وسائل السيطرة المبالغ بها التي تُمارس على الإيرانيين، وخصوصاً في مجالات الفنون والإعلام – وهي إشارات يبدو أنها كانت ختاماً لثماني سنوات من حكم إدارة محمود أحمدي نجاد المتشددة.
ليس من الواضح مدى السلطة التي يمتلكها روحاني لتغيير الكيفية التي تعمل بها الصحافة الإيرانية، على افتراض أنه يرغب فعلاً في تحقيق الإصلاح، إذ يتمتع القائد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامينئي، بالسلطة النهائية. ومع ذلك، ثمة جو من التفاؤل والترقب في البلد، حيث تُعتبر أدنى إشارة على أنها علامة محتملة على توفير حرية أكبر. وثمة عاملان قد يعملان لمصلحة الصحافة وهما الحاجة العملية لتحرير تكنولوجيا الاتصالات، والانهماك المتواصل للصحفيين الشباب.
وقال مراسل صحفي إيراني في طهران، والذي ينتظر المثول أمام المحكمة بتهمة تهديد الأمن الوطني، وطلب عدم الكشف عن هويته، “لقد تم تخفيف الخطوط الحمراء والرقابة، ودون سبب معين”. وأشار إلى أن الشيء نفسه حدث سابقاً أثناء رئاسة محمد خاتمي، وأن الصحفيين يعملون حالياً ضمن “وضع هادئ” نسبياً.
وعلى سبيل المثال، بعد انتخاب روحاني مباشرةً، وبينما كان أحمدي نجاد ما يزال في السلطة، رُفع الحجب عن تطبيق ‘فايبر’، وهو بروتوكول لإتاحة الوصول إلى شبكة الإنترنت. وفي سبتمبر/أيلول، عندما أتيح الوصول إلى موقعي فيسبوك وتويتر لعدة ساعات، تواكبت عبرهما رسائل عديدة تفيد بأن الأمور تغيرت. وتبيّن لاحقاً أن إتاحة الموقعين نجمت عن خطأ فني، وتم حجب الموقعين من جديد، إلا أن الاستجابة كانت كاسحة ومليئة بالدلالات.
تسيطر إيران بحزم على دخول الصحفيين الأجانب وتحركاتهم داخل حدودها، حيث يمكن إلغاء وثائق الاعتماد الصحفية إذا امتعضت الحكومة من كيفية تغطية الصحفيين لأمر ما. فعلى سبيل المثال، خسرت وكالة ‘رويترز’ للأنباء في عام 2012 اعتمادها الصحفي لفترة مؤقتة في إيران عندما أشارت إلى فنانات بالفنون القتالية على أنهن متخصصات “بالاغتيال”.
وفي عام 2011، ألغت الحكومة بصفة مؤقتة الاعتماد الصحفي لأحد عشر مراسلاً صحفياً بسبب تغطية تظاهرات مناهضة للحكومة. ولم تعرِض المنظمات الإعلامية المعنية سوى قدر ضئيل من التغطية الصحفية أو الشكوى بهذا الشأن خشية من عدم استعادة اعتمادها الصحفي. وأحياناً، تلعب الولايات المتحدة اللعبة ذاتها مع الصحفيين الإيرانيين، فكما أوضح المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، جويل سايمون، في مقال نشره في مجلة ‘ فورين بوليسي’، توفر الولايات المتحدة عدداً قليلاً من تأشيرات الدخول للمراسلين الصحفيين الإيرانيين، وتقيّد تحركاتهم ضمن دائرة يبلغ نصف قطرها 25 ميلاً [نحو 40 كيلو متر] من مقر الأمم المتحدة. وطالب سايمون بإنهاء ما وصفه بقيود “مرحلة الحرب الباردة” التي وضعها كل بلد منهما على صحفيي البلد الآخر.
وقال مهرزاد بوروجيردي، رئيس الجمعية الدولية للدراسات الإيرانية ومدير برنامج الشرق الأوسط في جامعة سيراكيوز، “استناداً إلى ما قاله روحاني بشأن انفتاح المشهد الأكاديمي، وقيامه بتعيين امرأة مؤهلة [بمنصب نائب الرئيس] لشؤون المرأة والأسرة، من المحتمل أنه سيسعى أيضاً لتخفيف القمع. وأنا أتوقع أن ينخفض عدد الاتهامات التي تُوجّه للصحفيين، وإصدار عدد أكبر من التراخيص لوسائل الإعلام، وممارسة قدر أقل من الرقابة على الكتب والصحف”.
وحتى مع الإطار المحدود لسلطات الرئيس، ثمة تغييرات بوسع روحاني تطبيقها (أو على الأقل الدفع بها) والتي من شأنها أن تُحدث تغييراً كبيراً في المشهد الإعلامي في إيران. وبما أن وسائل الإعلام المعارضة تتعرض للرقابة أو الإغلاق بصفة روتينية، وأنه لم يتبقَ سوى عدد قليل من الصحف الإصلاحية الرئيسية، مثل ‘شارغ’ و ‘اعتماد’، فقد أصبح المشهد الإعلامي قاحلاً إلا من وكالات الأخبار الحكومية والمطبوعات التابعة للمتشددين. وحتى الصحف والمواقع الإلكترونية الحائزة على موافقة رسمية تتعرض لقررات دورية بالإغلاق أو المنع.
وما يزال الصحفيان المعروفان محمد دافاري ومسعود باستاني قيد الاحتجاز عملياً، وكانا قد اعتقلا في أعقاب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في عام 2009، وتسمح لهما السلطات أحياناً بمغادرة السجن لفترات معينة (في حالة دافاري بسبب إصابته بنوبة قلبية بعد سماعه خبر وفاة شقيقه).
أعدت ‘الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في إيران’ خريطة طريق شاملة تعرض على روحاني اقتراحات عملية تركز على تغييرات بوسعه تطبيقها على المستويين الوزاري والتشريعي. ويقول هادي غايمي، المدير التنفيذي لهذه المجموعة الحقوقية التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، “أفضل مكان للبدء هو وضع حمايات هيكلية لحرية الصحافة، بحيث لا يقتصر تحسين الوضع على فترة حكم روحاني، بل تتجاوز ذلك، بحيث لا تظل مرتبطة بحكومته”. وسيكون تقديم تشريع بشأن حرية الصحافة يعرّف صراحة حرية التعبير ويحميها أمراً حاسم الأهمية، وكذلك وضع أنظمة لدى وزارة العمل للسماح بتأسيس جمعيات مستقلة تمثل مصالح الصحفيين (وهو أمرٌ يتعرض للهجوم منذ إغلاق جمعية الصحفيين في عام 2009، ولم يُسمح لها بالعمل منذ ذلك الوقت).
تقترح خريطة الطريق أيضاً منح التراخيص لنشر الصحف ووثائق الاعتماد الصحفي لصحفيين المحليين والأجانب دون اعتبار لتوجهاتهم السياسية. ويجب منع الوكالات الحكومية من رفع دعاوى قضائية ضد وسائل الإعلام والصحفيين بسبب نشرهم تغطية صحفية ناقدة للدولة. ويقول غايمي، “يتعين عليهم تشجيع ثقافة التسامح مع النقد”. ويتذمر غايمي أيضاً من أن عدداً كبيراً من الوزارات لها يد في السيطرة على الإعلام وفرض الرقابة، مما يجعل من المستحيل متابعة المعايير والممارسات التي من المتوقع أن يحافظ عليها الصحفيون. ورغم أن وسائل الإعلام تخضع لسيطرة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي (والتي يشار إليها اختصار بكلمة “إرشاد” الفارسية)، إلا أن جهاز القضاء يقوم باعتقال الصحفيين والمحررين والمدونين. وفي الوقت نفسه، تؤدي وزارة الاستخبارات دوراً في مراقبة الصحافة وفرض الرقابة عليها.
ويقول غايمي، “ولهذا السبب نحن بحاجة إلى تشريع يضع الحدود العامة لحرية الصحافة وفقاً للدستور والالتزامات الدولية. وأحد الوزارات التي تتدخل من دون شك في عمل الصحافة هي وزارة الاستخبارات، رغم أن هذا الأمر لا يقع ضمن ولايتها، وهي تحدد للمحررين الصحفيين بصفة منتظمة ما هو مسموح بنشره وما هو غير مسموح”.
ومما يزيد من تعقيد الوضع أن الأمر لا يتوقف على ما تتم تغطيته أو نشره، بل على التفسير الذي تختاره الدولة لما يُنشر. وقد أصدرت لجنة حماية الصحفيين تقريراً خاصاً أظهر أن إيران كانت تحتجز 40 صحفياً على الأقل في المرحلة التي سبقت الانتخابات في عام 2013، وكان معظهم متهمين إما بتهمة “نشر الدعاية المناهضة للدولة”، أو “العمل ضد الأمن الوطني”، أو “إهانة القائد الأعلى”. ونظراً للنمط السائد في إيران المتمثل في مواصلة سجن الصحفيين الناقدين والإفراج عنهم، ولصعوبة التأكد من الدوافع التي تقف وراء سجن الصحفيين، فمن المحتمل أن السلطات تحتجز عدداً أكبر من الصحفيين. وفي مارس/آذار، أعلنت وزارة الاستخبارات أنها تشتبه بتورط 600 صحفي إيراني في شبكة مناهضة للدولة.
ويشير مهرزاد بوروجيردي من جامعة سيراكيوز إلى أن أي جهود يقوم بها روحاني لإنهاء ترهيب وسائل الإعلام قد تفشل. ويقول، “ثمة أشياء كثيرة تعتمد على ما سينجزه روحاني على جبهة السياسة الخارجية. فإذا حقق نجاحاً، سيتوفر له رأس المال السياسي الضروري لمواجهة المحافظين بشأن طائفة من القضايا المحلية، بما فيها حرية الصحافة”.
ويقول بوروجيردي، “ومع ذلك، إذا فشل على جبهة السياسية الخارجية فسيؤدي ذلك إلى شد أزر المحافظين كي يعرقلوا مبادراته المحلية كطريقة لإضعاف الثقة به. لقد تعلّم روحاني ومناصروه من تجربة خاتمي، وسيحاولون تجنب ارتكاب الأخطاء التي ارتكبها. ومن المنطلق نفسه، أنا لا أعتقد أنه سيتحلى بالجرأة التي أظهرها خاتمي فيما يخص قضية حرية الإعلام”. حتى عندما حاول خاتمي تطهير وزارة الاستخبارات من الأفراد الذين ركزوا على الصحافة، انتهى المطاف بهؤلاء الأفراد فيما يصفه غايمي “بمؤسسات موازية” قريبة من القائد الأعلى، حيث ظلوا قادرين على ممارسة نفوذهم.
وعلى سبيل المثال، احتُجز الصحفي الإصلاحي أكبر غانجي أثناء إدارة خاتمي بسبب تغطيته لسلسلة من الاغتيالات السياسية، مما شكل تهديداً لمكانة عدة شخصيات متشددة مرتبطة بوزارة الاستخبارات. وأثناء حكومة أحمدي نجاد، تم احتجاز حتى الصحفيين المتشددين الموالين له، فقد قام ضباط أمن يمثلون جهاز القضاء باعتقال مستشاره الإعلامي، علي أكبر جاوانفيكر، في عام 2011 مما يُظهر مدى خروج هذا المسائل من سلطة الرئيس.
*****
إن الأمل بتحقيق ظروف أفضل ليس عبارة عن فكرة تجريدية فحسب. فالصحفيون الذين يعملون في إيران يواصلون المخاطرة بحريتهم، وحتى بحياتهم. فعمليات الاحتجاز والتحقيق والملاحقات القضائية ضد الصحفيين هي أمر معتاد في إيران. وكانت لجنة حماية الصحفيين قد صنفت إيران بأنها رابع أسوأ دولة في ممارسة الرقابة في العام خلال العام 2012. ووصفت إحدى الصحفيات العمل في الصحافة خلال فترتي رئاسة أحمدي نجاد بعبارات قاسية. وقد تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها خشيةً من تعرضها للانتقام.
وقالت، “لقد عملنا في الجحيم لمدة ثماني سنوات”، مفصلةً السنوات التي أمضتها وسط شعورٍ بالخوف إذ شاهدت زملاءها يتوجهون إلى المنافي، وكانت تعرف أنها إذا ما غادرت وطنها فقد لا تتمكن أبداً من العودة إليه – وهي تضحية لا تريد القيام بها. هذه الصحفية هي صحفية مخضرمة وعملت في الصحافة لمدة تزيد عن عشر سنوات في مطبوعات متعددة – بعضها تعرض للإغلاق من قبل الحكومة – وقد اعتُقلت واحتجزت في زنزانة انفرادية. وقد تحدثت بعد خروجها من الاحتجاز بالكفالة، وهي ممنوعة من مغادرة البلد بانتظار محاكمتها على خلفية اتهامات بنشر دعاية مناهضة للحكومة، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عام واحد.
وأعربت الصحفية عن أملها بإجراءات قانونية أفضل تحت قيادة الحكومة الجديدة، إلا أن أملها ضعيف بأن تتمتع الصحافة بالحرية. وقالت، “حتى أثناء حكومة خاتمي، تم سجن العديد من الصحفيين، مثل أكبر غانجي، وعباس عبدي، وأحمد زيدابادي، والرضا إشراغي، وغيرهم كثيرين”.
وتقول إن الأوضاع كانت أسوأ خلال حكم أحمدي نجاد، حيث “سُجن عدد أكبر من الصحفيين، خصوصاً بعد انتخابات عام 2009″، عندما أدت الاحتجاجات في الشوارع إلى حملة قمع لم تتوقف لمدة أربع سنوات. وتشير الصحفية إلى أن عدداً كبيراً من الصحفيين الإيرانيين أُجبروا على العيش في المنفى خشيةً من إيداعهم في السجن لفترات طويلة – أو أن يحدث لهم ما هو أسوأ من ذلك، كما في حالة المدون ستار بهشتي الذي قالت السلطات إنه “توفي من جراء صدمة” في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وذلك في اليوم الخامس على احتجازه. ولم توجه السلطات ضده أية تهمة ولم يمثُل أمام أية محكمة. وفي محادثة مسجلة عبر موقع سكايب أجراها ستار بهشتي مع أحد أصدقائه قبل فترة وجيزة من احتجازه ووفاته، تحدث عن رغبته في مغادرة البلد، وذلك بسبب قلقه من أن والدته المسنة لن تتحمل التوتر الذي سينجم عن اعتقاله.
وعلى الرغم من أن بهشتي أفاد بأنه لا يفهم سبب قيام السلطات بمصادرة أوراق الملاحظات التابعة لها، إذ أنها لا تحتوي على أي مسائل مثيرة للخلاف، إلا أنه بدا مستعداً للأسوأ.
وقال بهشتي، “إذا أرادو وضع مشنقة حول رقبتي، فإنني أقول إن هذا الموت أشرف من هذه الحياة”. ولم تسمح السلطات لأفراد أسرته بمشاهدة جثته، وأوردت وسائل الإعلام المعارضة أنها تعرضت لاعتداءات من عناصر أمن يرتدون ملابس مدنية خلال مراسيم جنازته.
*****
الرقابة ليست أمراً جديداً في إيران، وقد تم فرضها قبل فترة طويلة من تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979. فقد حافظت الأنظمة المتعاقبة على سيطرة محكمة على المواد التي يتم نشرها وبثها، وكذلك على تدفق المعلومات، وكيفية تبادل هذه المعلومات. فعلى سبيل المثال، احتجزت السلطات في فبراير/شباط 2012 أكثر من عشرة صحفيين مع وجود مذكرات اعتقال لعدد أكبر من ذلك بكثير، ولم يكن ذلك بسبب تغطية صحفية قاموا بها، وإنما بسبب اتصالهم بوسائل الإعلام الأجنبية.
السلطات التي تنهض بوظيفة الرقابة في إيران تشتهر أيضاً بأنها تواكب التقنيات الحديثة. وقد حجبت السلطات وسائل التواصل الاجتماعي مثل موقعي فيسبوك ومنعت استخدامها، ولا يمكن الوصول إليها داخل البلد إلا عبر شبكات افتراضية خاصة. أما الأمر المثير للدهشة، فهو أن جميع المرشيحن في الانتخابات الرئاسية خلال العام 2013 كان لديهم حسابات على موقعي تويتر وفيسبوك (على الرغم من أن المسؤولين لم يقروا بذلك أبداً). وروحاني لديه حساب على موقع توتر، @HassanRouhani ، ويرسل عبره التغريدات باللغة الإنجليزية. وفي سبتمبر/أيلول تحقق موقع تويتر من حساب محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، على الرغم من أنه لا يمكن قراءة تغريداته بصفة قانونية داخل بلده.
وتقترح جيليان يورك بأنه لا ينبغي اعتبار هذا الأمر بأنه إشارة على أن القيود على الإعلام على وشك أن تزول. وتشغل يورك منصب مديرة القسم الدولي لحرية التعبير في مؤسسة الحدود الإلكترونية، وهي منظمة غير ربحية متخصصة برصد الحقوق الرقمية وتتخذ من مدينة سان فرانسيسكو مقراً لها. وتقول، “هذا يبيّن وجود فهم بشأن كيفية إقامة التنظيم بين الناس وطريقة عمل السياسات في المستقبل، وإذا كانت السلطات ستحقق أي نجاح باستخدام هذه الوسائل، فلربما تمكنت حينها من إدراك فائدة إبقاء شبكة الإنترنت مفتوحة بما يكفي من أجل التواصل مع سائر العالم”.
وتصف جيليان يورك إيران بأنها “على قدم المساواة مع الصين” فيما يتعلق بالحرية الرقمية، خصوصاً لأن البلدين يظهران نواياهما من خلال استهداف الوسائل التي تُستخدم في حماية الخصوصية. وتقول، “هذان البلدان أظهرا أكبر قدرة على البقاء متقدمين بخطوة أمام مستخدمي الإنترنت. فحجب المواقع يحدث بسرعة، وغالباً في أوقات معينة تتزامن مع حدث معين أو عملية انتخابية معينة”.
وتقول جيليان يورك أنها تأمل بأن روحاني سوف يقوم على الأقل باتخاذ خطوات لضمان إمكانية الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات – وإذا لم يكن ذلك بدافع الرغبة في تحقيق حرية الصحافة، فإذن من أجل أسباب أكثر نفعية. وقالت، “في حين أن حجب التعبيرات السياسية هو أمر فظيع، إلا أن حجب تكنولوجيا المعلومات يترك أثراً أكبر في إعاقة النمو التعليمي والاقتصادي في البلد”. وأضافت أن من شأن رفع بعض العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران أن يعمل أيضاً على الحد من التأثير المعيق على تقنيات الاتصالات.
الصحفي أكبر غانجي هو صحفي مخضرم يعيش في المنفى في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يتوقع أن يقوم روحاني “بالسعي لتحقيق حريات أكبر للإعلام وللأحزاب السياسية”. وفي حين أنه يتوقع بعض التحسن مقارنة بالوضع الذي كان سائداً أثناء حكم أحمدي نجاد، إلا أنه “من غير المرجح أن يتحسن الوضع ليصل إلى ما كان عليه خلال فترة حكم الإصلاحيين. فالمتشددون عازمون على ضمان عدم تكرار تلك الفترة”. وكان غانجي قد أمضى سنوات في السجن أثناء حكم رئيس إصلاحي.
ركز روحاني بصفة رئيسية على الشؤون الخارجية خلال الأشهر الأولى التي أمضاها في منصبه. وقد أخذ يتواصل مع الغرب، خصوصاً واشنطن، ليس فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما من خلال الأمم المتحدة أيضاً وعبر إجراء مقابلات وكتابة مقالات في صحف مثل ‘واشنطن بوست’ حيث دعا إلى إجراء مفاوضات مدروسة مع الولايات المتحدة. كما ظهرت علامات حقيقية على التغيير في إيران: ففي سبتمبر/أيلول، أفرجت السلطات عن 11 سجيناً سياسياً، بمن فيهم نسرين ستوده، وهي محامية معروفة بدفاعها عن حقوق الإنسان وقد دافعت عن نشطاء وصحفيين وكانت تمضي حكماً بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة “تهديد الأمن القومي”.
ويقول هادي غايمي، رئيس الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في إيران، إن مجموعة الصحفيين الشباب المستعدين للنقد والدفاع عن الحريات، لم تنضب حتى الآن في إيران، حيث فشلت الحكومة في خلق سلك صحفي “محصور على مناصري النظام”. هؤلاء الصحفيون هم الذين تواصل السلطات اعتقالهم، وتواصل الإفراج عنهم، ويواصلون هم الكتابة مرة بعد مرة. ويقول غايمي، “على الرغم من كل موجات الاعتقال والاحتجاز والمضايقات ضد الصحفيين، والتي أدت إلى إيداع العديد منهم في السجن وفرار المئات إلى خارج البلد، يظل الصحفيون جزءاً أساسياً من المجتمع الإيراني فيما يتعلق بمواصلة إنتاج صحفيين جدد يرفضون أن يلتزموا الصمت”.
د. بارفاز، مراسلة صحفية ومحررة للمشاريع الخاصة، وتعمل مع قناة ‘الجزيرة’ الناطقة بالإنجليزية، ومقرها في الدوحة في قطر.