عبدالقادر محمد عبدالقادر
تشهد الحريات الصحفية في السودان تدهوراً مريعاً ،وباتت المصادرات الأمنية للصحف هي السمة الغالبة للأوضاع في السودان. ومع كل صباح جديد تتسع رقعة انتهاكات جهاز الأمن والمخابرات ضد الصحف والصحفيين.
ومنذ مطلع مايو وحتي اليوم قام جهاز الأمن والمخابرات بمصادرة أكثر من 14 طبعة من مختلف الصحف بالسودان. وأوقف أكثر من 13 صحفياً من الكتابة بالصحف، وحدد حوالي 20 موضوع ضمن الخطوط الحمراء التي يجب عدم تناولها في الصحف.
المصادرات الامنية للصحف منذ مطلع مايو وحتي اليوم:
_ في يومي 1 و 2 مايو صادر جهاز الأمن والمخابرات صحيفة (الجريدة) من المطبعة.
_ في يوم 3 مايو – اليوم العالمي لحرية الصحافة – صادر الأمن صحيفة (الميدان) من المطبعة بعد الفراغ من طباعتها.
_ في يوم 6 مايو صادر جهاز الأمن صحيفتي (الميدان) و (الجريدة) بعد الطبع.
_ في يوم 7 مايو صادر صحيفة (التيار) بعد الطبع.
_ في يوم 8 مايو / و10 مايو / و13 مايو/ و15 مايو / صادر جهاز الأمن صحيفة (الميدان) بعد الطبع.
_ في يوم 17 مايو أوقف جهاز الأمن طباعة صحيفة (الميدان).
_ في يوم 11 مايو/ و12 مايو/ و14 مايو صادرالأمن صحيفة (الجريدة) بعد الطبع.
_ وفي يوم 18 مايو صادر جهاز الأمن صحيفة (آخر لحظة) من المطبعة.
تخسر الصحيفة ما بين 10- 15 ألف جنيه سوداني ما يعادل حوالي 330 – 5000 دولار امريكي. كتكاليف طباعة فقط دون حساب تكاليف التشغيل الاخري( ايجار مكاتب ، أجور عاملين ، اجور صحفيين ، تكاليف سفر ، تكاليف إعلانات ) ، هذا بجانب الخسارة المعنوية وفقدان ثقة القراء بسبب الإحتجاب المتكرر، وعدم القدرة علي شرح اسباب الإحتجاب لأن الحكومة لا تسمح لأي صحيفة أن تتحدث عن الرقابة.
ويهدف جهاز الأمن من وراء مصادرة الصحف إلي تكبيدها خسائر مالية كبيرة، ليضطرها إلي التوقف أو القبول بتوجيهات الأمن.
اعتقال الصحفيين:
في يوم 15 مايو اعتقل جهاز الأمن والمخابرات – للمرة الثانية – الصحفى البارز ،وأستاذ الإعلام بالجامعات السودانية، ورئيس تحرير صحيفة (الأضواء) الموقوفة: فيصل محمد صالح ، ومثل بعد الإعتقال بساعات امام نيابة امن الدولة التى قيدت فى مواجهته بلاغا تحت المادة “94” من القانون الجنائى والمتعلقة بعصيان اوامر رجل القانون. ويتوقع ان يواجه الصحفي فيصل محمد صالح عقوبة السجن أو الغرامة بموجب البلاغ الأمني ضده.
واطلقت النيابة سراحه بالضمان على ان تحال الاوراق الى النيابة للتحقيق في البلاغ الذي حُدد له يوم 11 يونيو.
وتصل عقوبة الادانة تحت المادة “94” الى السجن لنحو شهر مع الغرامة .
وكان فيصل محمد صالح يمثُل يومياً لدي الأمن – منذ يوم 25 أبريل وحتي يوم 11 مايو- بسبب تعليق أدلي به لقناة الجزيرة ، منتقداً خطاب رئيس الجمهورية الذي يصعد من لهجة الحرب.
يقول فيصل : “حضر رجال الأمن لمنزلي ومكتبي أكثر من مرة نهار ومساء يوم الأربعاء 25 ابريل، وكنت خارج المنزل”.
ويضيف:”حوالي الثامنة مساء حضروا لمنزلي مرة أخرى . أخبروني بأني مطلوب لدى جهاز الأمن، والتقوني خارج المنزل ، وذهبت معهم لمكاتب الأمن. تم التحقيق معي حول تعليقي بقناة الجزيرة على خطاب السيد رئيس الجمهورية في مدينة الأبيض في نشرة السادسة مساء يوم الخميس 19 ابريل. لم يكن هناك حديث كثير يقال حيث أن لديهم تسجيل مصور للنشرة، وقد كررت لهم ما قلته في ذلك التعليق مرة أخرى”. ويضيف صالح: “ذكروا لي أن مثل هذا التعليق لا يقال في أجهزة الإعلام، وأن من الافضل أن أوصله للجهات المسؤولة بوسيلة مختلفة، وأنني يجب أن أكون متحفظا عند الحديث لوسائل الإعلام الأجنبية وحصر بعض القضايا في الإعلام المحلي، وأن بعض العبارات التي استخدمتها غير لائقة.رددت على كل ذك بما ينبغي، واستمر التحقيق حتى منتصف الليل، ثم طلب مني الحضور صباح الخميس 26 ابريل لمواصلة التحقيق، الذي كانوا يصرون على تسميته “حوارا“.
وظل صالح يتردد يومياً لدي مكاتب جهاز الأمن بالخرطوم بحري لمدة 11 يوماً ، وفي اليوم الثاني عشر قرر عدم الذهاب إلي مكاتب الامن،وأعلن نيته عدم الذهاب لمكاتب الأمن ونشر ذلك بمواقع إلكترونية محلية، فتم إعتقاله مباشرة في صبيحة اليوم التالي، ومكث في مكاتب الأمن حوالي 9 ساعات لم يتم معه اي تحقيق.
صحفيون ممنوعون من الكتابة بأوامر جهاز الأمن:
بعد ان كان جهاز الأمن يفرض الرقابة المباشرة علي الصحف وعلي كل ما يتم نشره ، اصبح جهاز الامن اليوم يُوجه ادارات الصحف ورؤساء التحرير بتوقيف بعض الصحفيين من الكتابة وفي حالة عدم امتثال الصحف لأوامر الامن تتم معاقبتها بالمصادرة وربما الإيقاف، ويقول رؤساء تحرير صحف انهم تلقوا تعليمات من الامن تفيد بعدم النشر لعدد من الصحفيين ومنعهم من الكتابة بصحفهم.وتلقوا تهديدات بإغلاق الصُحف في حالة السماح للصحفيين الممنوعين من الكتابة بالكتابة في صحفهم.
وحتي اليوم تم توقيف كل من:
_ حيدر المكاشفي، مستشار تحرير صحيفة (الصحافة).
_ زهير السراج ، كاتب عمود بصحيفة (الجريدة).
_ عبدالله الشيخ ، رئيس تحرير سابق.
_ أبو ذر علي الأمين، كاتب يصحيفة (رأي الشعب) الموقوفة وصحيفة (الجريدة).
_ فايز السليك ، صحيفة (الجريدة).
_ امل هباني ، صحيفة (الجريدة).
_ مجاهد عبدالله ، صحيفة(ألوان)
_ عصام جعفر، صحيفة (ألوان).
_ رشا عوض ، صحيفة (الجريدة).
_ أشرف عبد العزيز ، صحيفة (الجريدة).
_ الطاهر ابو جوهرة ، صحيفة (الجريدة).
_ محمد محمود الصبحي، صحيفة (الجريدة).
_ عبدالسلام القراي، صحيفة (الجريدة).
ومنع الصحفيين من الكتابة هو سلاح يستخدمه جهاز الأمن لتجفيف سبل عيش الصحفيين وقطع مصادر دخلهم بهدف إجبارهم علي الطاعة.
موضوعات ممنوع تناولها:
يرسل جهاز الأمن يومياً رسالة لرؤساء تحرير الصحف في الخرطوم تتضمن قائمة الموضوعات التي يحظر تناولها بالنقد والتعليق.” قائمة الخطوط الحمراء طويلة وتجدد يومياً “، يقول الصحفي إدريس الدومة مدير تحرير صحيفة الجريدة، ويضيف: “نحن عادة نلتزم بتوجيهات الأمن ولم نتجاوزها يوماُ إلا انهم يقومون بتعطيل طباعة الصحيفة. ولا نعرف ما هو السبب وراء هذا التعطيل المتعمد”. يقول الدومة: “نحن نعتبر ان صحيفة (الجريدة) مستهدفة من قبل الأمن ولكن لا نعرف ماهي اسباب هذا الإستهداف”.
وتتعدد أشكال الرقابة الأمنية علي الصحف ، من بينها الإتصال الهاتفي برئيس التحرير او مدير التحرير وأمرهم بعدم النشر في موضوعات يعتبرها الأمن من الممنوعات ( الخطوط الحمراء).
“تلقيتُ اتصالاً هاتفياً من جهاز الأمن والمخابرات مساء يوم السبت 5 مايو”. تقول مديحة عبد الله رئيسة تحرير صحيفة (الميدان) الناقدة . وتضيف عبدالله : ” قالوا لي عبر الهاتف: يجب أن لا تتضمن الصحيفة موضوعات تنتقد أداء الاجهزة الأمنية والقوات المسلحة والشرطة، وعدم انتقاد الرئيس ، بالإضافة إلي عدم التحدث حول أوضاع الحريات العامة والحريات الصحفية. وعدم التحدث حول المشكلات في حكومة ولاية القضارف وإقالة الوالي”. وتضيف: ” كانوا في وقت سابق حددوا انتقاد أداء الجيش ، وانتقاد الانتهاكات التي ترتكبها الشرطة والقوات النظامية وجهاز الامن ضمن قائمة الموضوعات التي يجب عدم تناولها، إلا إننا لا نلتزم بهذه التوجيهات عادة لأنها مقيدة وكثيرة وتنتهك حقنا في النشر وحق الناس في تلقي المعلومات”.