نيويورك، 20 أيار/مايو 2011 – قالت منظمتا لجنة حماية الصحفيين وهيومن رايتس ووتش اليوم إنه يجب على الحكومة الليبية أن تفرج فورا عن جثة المصور الصحفي الجنوب إفريقي آنتون هامرل وأن تجري تحقيقا بشأن دور القوات المسلحة في مقتله.
وكان هامرل الذي يبلغ من العمر 41 عاما قد قتل على يد القوات الحكومية قرب مدينة البريقا في شرق ليبيا في 5 نيسان/إبريل. وقد اعقتلت السلطات الليبية ثلاثة صحفيين كانوا برفقته وظلت تحتجزهم حتى 18 أيار/مايو، وأعلنت عن مقتل هامرل بعد الإفراج عنهم.
وقالت منظمتا لجنة حماية الصحفيين وهيومن رايتس ووتش إن الحكومة الليبية ظلت ترواح في مزاعمها لمدة ستة أسابيع ما بين أن هامرل كان آمنا وقيد الاحتجاز أو أنه ليس محتجزا لدى الحكومة. وأفادت مصادر موثوقة بأن جواز سفر هامرل موجود بحوزة الحكومة الليبية، ولذا فقد كانت تعرف هويته وتعلم مصيره.
وقال بيتر بوكيرت، مدير منظمة هيومان رايتس ووتش، “لقد قامت القوات التابعة للحكومة الليبية بقتل آنتون هامرل قبل ستة أسابيع ثمة كذبت بشأن ما حدث. إن جواز سفر الصحفي القتيل بحوزتهم وهم يعرفون أنه قتل. والآن يجب عليهم على الأقل أن يفرجوا عن جثته وأن يقدموا إجابات صحيحة حول مصيره”.
وبموجب القانون الإنساني الدولي الذي ينطبق على النزاع المسلح في ليبيا، ثمة التزامات على أطراف النزاع بشأن الأشخاص المفقودين والقتلى. وقد كان من اللازم على ليبيا أن تقوم بكافة الإجراءات الممكنة لتحديد مكان وجود الأشخاص الذين يعلن عن فقدانهم نتيجة للقتال، وأن توفر لأفراد عائلاتهم أية معلومات لديها بخصوص مصيرهم. وكانت أسرة هامرل قد سعت مرارا للحصول على معلومات بشأن مكان وجوده.
إن الحجب المتعمد للمعلومات بشأن مصير شخص قيد الاحتجاز، حتى إن كان ذلك الشخص متوفى، أو تقديم معلومات كاذبة عن مصيره، يمكن أن يعتبر اختفاءً قسريا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. لقد أصدرت لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن الأمم المتحدة، والتي تراقب الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حكما بأنه يُحظر على الدول أن تحجب أية معلومات بصفة متعمدة عن أسر الأشخاص المفقودين.
إن الاختفاء القسري الذي يُرتكب كجزء من هجوم منهجي واسع النطاق على السكان المدنيين يمكن أن يعتبر جريمة ضد الإنسانية ويمكن التحقيق بشأنه وملاحقة مرتكبيه قضائيا أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تتمتع بسلطة قضائية في ليبيا بشأن الجرائم الدولية التي ارتكبت منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 15 شباط/فبراير.
وقال محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “لقد اختارت الحكومة الليبية التزام الصمت حيال مصير هامرل، بالرغم من أنها كانت تعرف بشأن مقتله. ولا يقتصر هذا الأمر على أنه تصرف قاسٍ، بل هو منافٍ للقانون أيضاً”.
ويذكر أنآنتون هامرل متزوج من بيني سوكراج، وأب لطفل يبلغ من العمر ثلاثة أشهر وطفل يبلغ من العمر 7 سنوات وطفلة تبلغ من العمر 11 عاما، وكان قد سافر إلى شرق ليبيا كي يغطي الصراع الجاري هناك بوصفه مصورا صحفيا مستقلا. وكان يعمل على خطوط المواجهة قرب مدينة البريقا في 5 نيسان/إبريل بصحبة ثلاث صحفيين أجانب آخرين (وهم: كلير غيليس، وجيمس فولي، ومانويل فاريلا المعروف أيضا باسم مانو برابو) عندما تعرضوا لإطلاق نار من القوات الحكومية. وقد أصيب هامرل برصاصة في بطنه في حين ألقي القبض على غيليس وفولي وبرابو.
وأفادت كلير غيليس لمجلة ‘إتلانتك’ إن الجنود “استولوا على أغراضنا وقاموا بتقييدنا ثم ألقوا بنا في صندوق شاحنة. وكنا جميعا ننظر إلى آنتون … ورأيته هامدا لا يتحرك وسط بقعة كبيرة من الدماء. وحاول جيمس التحدث إليه قائلاً ‘هل أنت بخير؟’ ولكنه لم يرد أبداً”.
وقد احتجزت الحكومة الليبية غيليس وفولي وبرابو حتى 18 أيار/مايو، حيث تم الإفراج عنهم في ذلك اليوم في العاصمة طرابلس. وقد توجه الصحفيون الثلاثة في اليوم التالي إلى تونس حيث أبلغوا أسرة هامرل بشأن مقتله.
وقالت منظمتا هيومان رايتس ووتش ولجنة حماية الصحفيين إن الجهود الدولية نجحت أخيراً بتأمين الإفراج عن الصحفيين المحتجزين، ولكن يبدو أن حكومة جنوب إفريقيا لم تقوم بأي دور بهذا الشأن. وكان رئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما، قد زار طرابلس في يومي 10 و 11 نيسان/إبريل، ولكنه لم يقم بإثارة قضية هامرل، حسبما أفادت تقارير إعلامية.
وقد استجابت حكومة جنوب إفريقيا للأنباء بشأن مقتل هامرل بان اتهمت السلطات الليبية بالتضليل. وقالت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون، ماتي نكونا-ماشابان، “لقد ظلت تردنا معلومات مطمئنة من أعلى المستويات بأنه كان حياً حتى تم الإفراج عن زملائه يوم أمس [19 أيار/مايو] وأدلوا بما لديهم من معلومات”.
وكان هامرل يحمل جنسية أسترالية أيضاً، وقد وجهت الحكومة الأسترالية انتقادات لحكومة القذافي. وقال السفير الأسترالي في جنوب إفريقيا، أوتو ديتز، “نحن نشعر بخيبة أمل كبيرة نحو السلطات الليبية لأنها حجبت الأخبار. ونحن نأمل الآن أنها ستتعاون وتظهر لنا أين تم دفن الصحفي القتيل كي نتمكن من إعادته لأسرته من أجل إجراء مراسم دفن ملائمة”.
وقد قُتل خمسة صحفيين بينما كانوا يغطون النزاع في ليبيا، كما احتجز 50 صحفيا على الأقل. ويعتقد أن 15 صحفيا ليبيا وأجنبيا على الأقل ما يزالوا قيد الاحتجاز لدى السلطات الليبية.
وقال بيتر بوكيرت، “إنه لمن المخزي أن حكومة جنوب إفريقيا لم ترَ في قضية هامرل أمراً ملحاً. يجب على حكومتي جنوب إفريقيا وأستراليا أن تعملا الآن على استعادة جثة هامرل إلى وطنه كي تتفادى أسرته مزيدا من مشاعر اللوعة”.