أأهم التطورات
> الحكومة تحجب بث محطات تلفزة فضائية وخدمة الرسائل النصية الإخبارية قبيل الانتخابات البرلمانية.
> المناورة السياسية تتجلى في إقالة رئيس تحرير ناقد وحبس آخر.
أرقام مهمة
12 محطة تلفزة فضائية أُوقف بثها قبل الانتخابات بشهر واحد.
الاعتداءات على الصحافة في عام 2010
تمهيد
المؤسسات الدولية تتقاعس عن الدفاع عن حرية الصحافة
الكشف عن المعتدين المتوارين الذين يهاجمون عبر شبكة الإنترنت
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: القمع بذريعة الأمن القومي
مصر
إيران
اليمن
تركيا
تونس
السودان
المغرب
لبنان
إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة
العراق
لقطات سريعة من البلدان
كشف الصحفيون في عام 2005 عن وقوع تزوير وترويع للناخبين على نطاق واسع في أول انتخابات رئاسية متعددة الأحزاب في البلاد. ولذلك عزمت الحكومة على تفادي تكرار مثل هذه التغطية الصحفية في الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/نوفمبر، فحجبت قنوات تلفزيونية فضائية، وضيقت على أساليب بث الأخبار، ودبرت عملية لإسكات الأصوات الناقدة. وقد اكتسح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم نتائج التصويت وسط تقارير كثيرة تفيد بوقوع التزوير.
في تشرين الأول/أكتوبر، أي قبل شهر واحد من موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية، قامت الشركة المصرية للأقمار الصناعية “نايل سات” المملوكة للحكومة، وعلى نحو مفاجئ، بإيقاف بث 12 محطة فضائية خاصة وأنذرت 20 محطة أخرى، حسبما أفادت تقارير إخبارية. ووصف وزير الإعلام أنس الفقي تلك المحطات “بالمتطرفة”، غير أن نبيل عبد الفتاح، مساعد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، قال لوكالة رويترز إن تلك الخطوة هدفت لإسكات القنوات التي دعمت مرشحي حركة الإخوان المسلمين.
وفي الشهر نفسه، فرض الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قواعد جديدة منعت شركات الإنتاج الخاصة فعليا من البث الحي المباشر. وحسبما أفادت وكالة أنباء اسوشيتد برس، فإن القواعد الجديدة، التي فُرضت في الوقت المناسب لحجب التغطية الحية للانتخابات، تقتضي أن تحصل شركات الإنتاج على تراخيص خاصة للبث المباشر. ويقول نادر جوهر، صاحب شركة القاهرة للأخبار في القاهرة، لوكالة اسوشيتد برس: “اضطررت إلى إلغاء الحجز والبث مع المحطات الإخبارية أثناء الانتخابات”. لقد لعبت شركات الإنتاج الخاصة، المُكملة للتغطية الإخبارية التي تضطلع بها محطات البث الدولية والمحلية، دورا رئيسيا في توثيق حالات الاعتداء على الناخبين بالضرب ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم على يد رجال الشرطة في انتخابات عام 2005.
وبالتزامن مع ذلك، فرض الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أيضا تعليمات جديدة حظرت فعليا على معظم وسائل الإعلام استخدام خدمة الرسائل النصية الإخبارية الجماعية. وقد اقتضت التعليمات الجديدة أن تحصل وسائل الإعلام الإخبارية على رخصة من وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للصحافة كي تتمكن من استخدام خدمة الرسائل النصية. وكانت الصحف المستقلة والمعارضة تستخدم الرسائل النصية على نطاق واسع لإرسال الأخبار إلى قرائها. واستنادا إلى تقارير إخبارية، فإن الأحزاب السياسية ووكالات الأنباء التي تحظى برضى الدولة كانت هي وحدها المخولة للحصول على تراخيص بموجب القواعد الجديدة.
وظفت السلطات أيضا المحاكم لأغراض سياسية. ففي شهر تموز/يوليو، أعادت محكمة استئناف القاهرة فجأة فتح قضية تشهير ظلت هامدة لمدة 14 عاما خلت وذلك لإبقاء مجدي حسين، صاحب الصوت البارز والناقد للحكومة، في السجن. فقد كان مجدي، الناشط ورئيس التحرير السابق لإحدى الصحف، يلتمس أن يُفرج عنه في حزيران/يونيو بعد أن أمضى ثلاثة أرباع محكوميته ذات السنتين المتصلة بنشاطه السياسي. وفي العادة، فإن إطلاق السراح المبكر يُمنح لملتمسيه. ولكن في هذه الحالة، أمرت محكمة النقض بأن تعاد محاكمة مجدي على خلفية شكوى غير متعلقة بمحكوميته تعود إلى عام 1996 بتهمة التشهير بوزير داخلية سابق في مقالات رأي نشرها في صحيفة “الشعب” التي توقفت عن الصدور. وكانت المحكمة قد فرضت غرامة على مجدي في عام 1996، غير أن المحاكمة الجديدة أسفرت عن صدور حكم جديد بالسجن لمدة عام واحد. وفي هذا الصدد يقول جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، إن الحكم الجديد “أتى لإبقاء كاتب مؤثر وشخصية معارضة خلف القضبان بمنأى عن أي انتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة”.
وأفاد صحفيون أنهم تعرضوا لمضايقة من جانب الحكومة يوم الاقترع. يقول أحمد شكر، أحد المحررين في صحفية “المصري اليوم”، للجنة حماية الصحفيين إن السلطات احتجزت العديد من الصحفيين العاملين في الصحيفة لفترة وجيزة وحققت معهم. كما أفاد صحفيون آخرون يعملون في وسائل إعلامية مطبوعة ومرئية بأن عناصر أمنية قامت بمسح ما صورته عدسات كاميراتهم. وقد أسفرت الانتخابات عن إخراج حركة الإخوان المسلمين من البرلمان بعد أن كانت كتلة المعارضة الأقوى فيه. وينظر المحللون إلى القمع الذي مارسته الحكومة أثناء الانتخابات البرلمانية كمقدمة للقيود التي سوف تفرضها في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
رأت لجنة حماية الصحفيين وآخرون مكيدة سياسية في إقالة الصحفي إبراهيم عيسى، وهو أحد أهم الصحفيين الناقدين في مصر، في تشرين الأول/أكتوبر من منصبه كرئيس تحرير صحيفة “الدستور” اليومية المستقلة. فقد جاء قرار فصله بعد 24 ساعة فقط من بيع الصحيفة إلى مجموعة مالكين تضم السيد البدوي، وهو قطب إعلامي وزعيم لحزب الوفد المعارض. وقد علّق إبراهيم عيسى في حديثه لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية بالقول: “لقد اشتروا الصحيفة بمبلغ 4 ملايين دولار فقط لوقفي عن الكتابة”. أما البدوي فقد أصدر تطمينات للجمهور بأن المالكين الجدد لن يغيروا خط الصحيفة التحريري، وقال إن فصل إبراهيم عيسى مردُّه إلى نزاع عمالي يتمحور حول رواتب الموظفين. بيد أن العديد من المحللين يشيرون إلى أن حزب الوفد قد أبرم صفقة مع الحكومة لطرد إبراهيم.
ظل إبراهيم عيسى يواجه ملاحقات طوال حياته المهنية حتى وصل عدد القضايا المرفوعة ضده أمام المحاكم إلى أكثر من 60 قضية قائمة على مخالفات مزعومة في مجال النشر، وذلك استنادا لابحاث لجنة حماية الصحفيين. كما خسر إبراهيم برنامجه التلفزيوني في عام 2010، حيث أوقفت محطة “أون تي في” بث برنامجه الحواري السياسي في تشرين الأول/أكتوبر، أي قبل شهر واحد من موعد الانتخابات، وهي الحدث السياسي الأبرز في ذلك العام. ولم تقدم المحطة أي تفسير لذلك.
وثمة برنامج سياسي آخر ذو شعبية توقف عن البث فجأة في أيلول/سبتمبر وكان من تقديم عمرو أديب على شبكة أوربت الفضائية السعودية. وبحسب التقارير فإن تلك الخطوة جاءت بعدما انتقد عمرو الإعلام الرسمي لإفراطه في الإشادة بجمال مبارك، نجل الرئيس المصري وخليفته المحتمل في منصب الرئاسة. وقد أخبر عمرو الصحفيين بأنه يتوقع عودة البرنامج، غير أنه كان لا يزال متوقفا عن البث مع نهاية العام.
وبحسب أحمد بهجت، مالك قناة “دريم تي في” الفضائية وأحد مالكي الصحيفة اليومية المستقلة “المصري اليوم”، فإن أصحاب الوسائل الإعلامية يرزحون تحت ضغط حكومي كبير. ففي مقابلة أجرتها معه الصحيفة في تموز/يوليو، قال: “لو تلقيت مكالمة هاتفية تخبرني بأن أغلق محطة دريم تي في، فسوف أغلقها. ماذا بوسعنا أن نفعل؟ هل سنحارب الدولة؟ لا نستطيع”.
استمرت الملاحقات القانونية بحق الصحفيين الناقدين عام 2010 رغم الوعود التي قطعها رئيس الجمهورية في 2004 بإنهاء عقوبة الحبس في قضايا الإعلام والنشر. ففي أيلول/سبتمبر، وجهت النيابة العامة تهما جنائية بالتشهير للكاتب الصحفي البارز حمدي قنديل على خلفية مقالة رأي تعود إلى شهر أيار/مايو انتقد فيها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط. وقد توقف قنديل وزميله الكاتب الصحفي علاء الأسواني عن كتابة عموديهما في صحيفة “الشروق” اليومية المستقلة في أيلول/سبتمبر بعد أن حذرهما مديرو الصحيفة من الضغط “الخارجي” الممارس من أجل التخفيف من نبرة المحتوى الذي تعرضه الصحفية، وذلك حسبما علمت لجنة حماية الصحفيين من المقابلات التي أجرتها.
كما رفعت وزارة المالية دعاوى جنائية ضد رئيس تحرير أسبوعية “صوت الأمة”، وائل الإبراشي، ومراسلة الصحيفة سمر الضوي بموجب المادة 177 من قانون العقوبات بتهمة “تحريض المواطنين على مخالفة القانون” على خلفية حملة أطلقتها الأسبوعية لمعارضة قانون الضريبة العقارية المثير للجدل. وقد جرت العادة أن تُستخدم المادة 177 في ملاحقة الجماعات المسلحة أو المتشددة. وكانت القضية ما تزال قيد النظر لدى المحكمة مع نهاية العام.
أُطلق سراح المدون عبد الكريم سليمان، المعروف على شبكة الإنترنت باسم كريم عامر، من السجن في تشرين الثاني/نوفمبر بعد أن أمضى أربع سنوات في السجن بتهمة إهانة الإسلام ورئيس الجمهورية. وقد تعرض كريم للمضايقة والضرب على يد السلطات طوال فترة سجنه حسبما أفادت مصادر لجنة حماية الصحفيين. وكريم عامر هو أول مدون في الشرق الأوسط يُسجن صراحةً على خلفية آرائه التي عبر عنها على شبكة الإنترنت.
تتمتع مصر بوجود بيئة تدوين متنوعة وسريعة النمو. وللمدونين الصحفيين دور فعال في الكشف عن الفساد في القطاع العام وعن تعذيب المحتجزين في مراكز الشرطة. غير أن المدونيين الذين يبدون آراء مثيرة للجدل أو الذين ينتقدون سياسات الحكومة علنا، فإنهم يتعرضون للمضايقات بصورة منتظمة على أيدي رجال الأمن. وتمتلك الحكومة أدوات عديدة تحت تصرفها لتكميم أفواه المدونين الناقدين، بما فيها قانون الصحافة لسنة 1996 الذي يجرم “نشر الأنباء الكاذبة” وهو فعل ذو تعريف مبهم، وقانون العقوبات الذي يحظر نشر المواد التي تُعتبر مهينة.
واصلت القوى الأمنية ممارستها المعهودة في إعاقة عمل الصحفيين الذين يغطون الاحتجاجات في الشوارع. فقد ضايق رجال الشرطة الصحفيين العاملين في محطتي الجزيرة ودريم تي في، وصحف المصري اليوم ونهضة مصر والكرامة أثناء الاحتجاجات التي نظمتها حركة شباب 6 إبريل في القاهرة، حسبما أفادت تقارير إخبارية. ويروي مراسل قناة الجزيرة سمير عمرو للجنة حماية الصحفيين ما حدث قائلا: “أحاط بنا رجال الأمن وصادروا كاميراتنا وأمرونا أن نغادر المكان”. أما إبراهيم كمال الدين، مصور صحيفة المصري اليوم، فقد أخبر لجنة حماية الصحفيين بأن شرطيين أمسكا به من رقبته ودفعاه بعنف، ويقول: “لقد أريتهما هويتي الصحفية ولكنهما قالا لي إنها لا تعنيهم”.