13 آذار/مارس-2009
فخامة الرئيس محمد حسني مبارك
رئيس جمهورية مصر العربية
عبر سفارة جمهورية مصر العربية
3521 International Ct. NWWashington, D.C. 20008
فاكس: 202-244-4319
فخامة الرئيس،
لجنة حماية الصحفيين تكتب إليكم للاحتجاج على حملة القمع الشديدة التي تشنها أجهزة الأمن المختلفة ضد الصحفيين الذين ينشرون على شبكة الإنترنت وضد المدونين. وللأسف، فبحسب ما تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين، فإن المضايقات المتواصلة واحتجاز الصحفيين ما هو إلا أحد عناصر التراجع العام في حرية الصحافة في مصر في السنوات الأخيرة. في عام 2007، استنتجت لجنة حماية الصحفيين أن مصر كانت إحدى 10 دول في العالم تقهقرت فيها أوضاع حرية الصحافة، وذلك بسبب عدد هائل من الملاحقات القضائية ضد الصحفيين الناقدين. ومنذ ذلك الوقت، تواصلت هذه النزعة وتواصلت مئات القضايا والشكاوى الجنائية والاستدعاءات القضائية ضد المحررين الصحفيين والمراسلين الصحفيين والمدونيين ومناصري حرية التعبير.
على الرغم من تعهدكم في شباط/ فبراير 2004 بتحرير قوانين الصحافة في مصر وإزالة الصفة الجنائية عن مخالفات الصحافة، واصلت أجهزة الأمن المصرية والجهاز القضائي الضغط على الصحفيين المستقلين والمدونين عبر المضايقات القانونية ومضايقات خارج نطاق القانون، إضافة إلى الاحتجاز الإداري لفترات طويلة تحت ستار قانون الطوارئ الممتد منذ 28 عاماً، والذي يسمح بالاحتجاز لفترات طويلة دون توجيه اتهامات والقيام بعمليات تفتيش دون أمر قضائي، إضافة إلى إجراءات أخرى ثقيلة الوطأة، ومن خلال ملاحقات قضائية مدفوعة بدوافع سياسية. وقد تم استهداف المدونين بقسوة شديدة، لا سيما وأنهم يفتقرون للحماية المؤسسية النسبية المتوفرة لبعض الصحفيين – وإن كانت لا تتوفر للجميع – الذين يعملون في وسائل الإعلام المطبوعة ووسائل البث التقليدية.
خلال السنوات الأخيرة، تزايدت حالات اعتقال المدونين ازديادا كبيرا. واحتُجز المدونون التالية أسماؤهم وتم التحقيق معهم خلال أوقات مختلفة. وقد تم الإفراج عنهم جميعا خلال الشهر الماضي، وما زال اثنان منهم يواجهان اتهامات لم يتم البت فيها.
محمد عادل، مؤلف مدونة “ميت“، اختفى في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. وفي اليوم نفسه قام عملاء أمنيون بمداهمة بيته ومصادرة كتب وأقراص مدمجة، وذلك وفقا للموقع الشبكي الإخباري “منصات” المعني بحرية الصحافة. وفي البداية، أنكرت السلطات أنها اعتقلته، ولكن في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، أصدرت وزارة الداخلية مذكرة اعتقال ضده. وفي 17 كانون الأول/ديسمبر، ظهر للمرة الأولى في المحكمة ووجهت إليه تهمة “الانضمام إلى جماعة محظورة (الأخوان المسلمين) تهدف لمنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها”. وفي 22 شباط/فبراير، بدأ إضراباً عن الطعام استمر لمدة أربعة أيام احتجاجا على احتجازه في زنزانة انفرادية ومنعه من تلقي مواد للقراءة، وذلك بحسب ما قالته للجنة حماية الصحفيين، روضة أحمد، المحامية في وحدة المساعدة القانونية في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. وبعد أربعة أشهر تقريبا في الاحتجاز، أصدرت نيابة أمن الدولة في القاهرة أمراً بالإفراج عن محمد عادل في 8 آذار/مارس، وقد أطلق سراحه بعد يومين من ذلك، ولكن وفقا للمحامية روضة أحمد ما زالت الاتهامات ضده قائمة.
عبد العزيز مجاهد، مؤلف مدونة “استراحة مجاهد” ، تعرض للاعتقال في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. وقد ظهر للمرة الأولى في المحكمة في 17 كانون الأول/ديسمبر 2008، بحسب ما أفادت به المحامية روضة أحمد للجنة حماية الصحفيين. وصرحت بأن عبد العزيز مجاهد قال إنه تعرض للضرب والتعذيب بالصدمات الكهربائية أثناء احتجازه لدى مباحث أمن الدولة في القاهرة. وتم اتهامه أيضا بالانضمام لجماعة محظورة (الإخوان المسلمين). وقالت روضة أحمد إنه تم الإفراج عنه في 1 آذار/مارس، ولكن ما زالت الاتهامات ضده قائمة. ولم يتحدد موعد للمحاكمة حتى الآن.
فيليب رزق، مواطن يحمل الجنسيتين الألمانية والمصرية، ويكتب مدونة في القاهرة تدعى “Tabula Gaza“، وقد تم اختطافه على يد قوات الأمن في 6 شباط/فبراير بعد مشاركته في تظاهرة سلمية لدعم الفلسطينيين في غزة. وعلى أثر احتجاجات محلية ودولية، أفرجت عنه السلطات في 11 شباط/فبراير. وقال فيليب رزق في مقال نشره في مدونته “تم احتجازي لمدة أربعة أيام – وكنت معصوب العينين ومقيد اليدين طوال الوقت تقريبا”. وقال لصحيفة نيويورك تايمز إن عملاء أمنيين حققوا معه واتهموه مرة بأنه يتجسس لإسرائيل ومرة بأنه يمد حركة حماس بالأسلحة. ووفقا لتصريحات الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قام مسؤولون أمنيون بمداهمة منزل فيليب رزق، وصادروا هاتفه المتنقل، ومسجل إلكتروني، وآلة تصوير فيديو، وبعض الكتب. كما تم حجب مدونة فيليب رزق حتى 5 آذار/مارس. وكتب فيليب رزق أيضا أن عناصر جهاز الأمن أعادوا له مقتنياته، ولكنهم “تظاهروا بأنهم قبضوا على ‘اللص’ الذي سرقها، وإنه مسجون حاليا”.
تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين أيضا إنه يوجد ثلاثة مدونين على الأقل قيد الاحتجاز الإداري، أو الاحتجاز دون توجيه اتهامات بموجب قانون الطوارئ، أو في السجن لقضاء فترة حكم بالسجن.
- ضياء الدين جاد، الذي يكتب مدونة تدعى “صوت غاضب“، تعرض لاعتداء ثم تم اختطافه على يد عملاء أمنيين أمام منزل أسرته في منطقة دلتا النيل في 6 شباط/فبراير، وذلك وفقا لتقارير إخبارية محلية ودولية. وأوردت صحيفة نيويورك تايمز إن ضياء الدين جاد قد احتجز بعد مشاركته في تظاهرة سلمية لدعم الفلسطينيين. وهو محتجز حاليا ومعزول عن العالم الخارجي، ويعتقد محامون من وحدة المساعدة القانونية في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إنه كان محتجزاً في نيابة أمن الدولة في مدينة نصر في القاهرة، ولكن تم نقله إلى سجن القطا في محافظة الجيزة في 21 شباط/فبراير. ولم يتم الإعلان عن الاتهامات الموجه إليه، ولم يسمح لأحد بزيارته. وعلى الرغم من أنه قد اعتقل في اليوم ذاته الذي اعتقل فيه فيليب رزق، وعلى الرغم من أن المحققين سألوا رزق عن علاقته بضياء الدين جاد، إلا أن السلطات أفرجت عن فيليب رزق، ولكنها واصلت احتجاز ضياء الدين جاد.
- مسعد سليمان، المعروف باسم مسعد أبو فجر، وهو روائي وناشط اجتماعي يدافع عن مجتمع البدو في سيناء، ومدون يكتب حول القضايا الاجتماعية والسياسية في مدونة “ودنا نعيش“. ووفقا لتقارير صادرة عن منظمات محلية ودولية معنية بحقوق الإنسان، اعتقل مسعد ابو فجر من منزله في الإسماعيلية في 26 كانون الأول/ديسمبر 2007 بعد تظاهرة في سيناء احتجاجا على هدم بيوت على الحدود المصرية مع قطاع غزة. وأثناء سير التحقيقات، وجهت إليه اتهامات متنوعة مثل “التحريض على الشغب، حيازة سلاح دون ترخيص، وقيادة سيارة دون رخصة”. ووفقا لمركز هشام مبارك للقانون الذي قام بتمثيل مسعد أبو فجر على مر هذه الإجراءات القانونية، على الرغم من صدور عدة أومر قضائية بالإفراج عنه، وقد صدر آخرها في 16 أيار/مايو 2008، إلا أن وزارة الداخلية رفضت الإفراج عنه. وأورد المركز أنه بعد الأوامر القضائية المتكررة للإفراج عنه، بدأت وزارة الداخلية باحتجازه استنادا إلى قانون الطوارئ الذي يحرمه من معظم حقوقه بالإجراءات القضائية السليمة. وأورد مركز هشام مبارك إن السلطات الأمنية ظلت تنقله بين مراكز الاحتجاز بصفة متكررة، وإنه قد بدأ إضراباً عن الطعام مرة واحدة على الأقل في عام 2008 احتجاجاً على سوء المعاملة التي يتعرض لها. وفي شباط/فبراير قالت زوجته لصحيفة البديل إنها الوحيدة التي سمحت لها السلطات بزيارته في السجن.
- عبد الكريم سليمان، المعروف على نطاق واسع باسم كريم عامر، اعتقل في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 بسبب قيامه بكتابة مقالات ناقدة عن شخصيات دينية بارزة ورئيس الجمهورية. وقد أدانته المحكمة في شباط/فبراير 2007 بتهمة ازدراء الإسلام وإهانة الرئيس، وهو حاليا يمضي عقوبة السجن لمدة أربع سنوات بسبب إدانته بالتهمتين. وهو المدون المصري الوحيد الذي تتم إدانته بسبب كتابته على شبكة الإنترنت. ومنذ ذلك الوقت تعرض كريم عامر إلى سوء المعاملة في السجن. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2007 تعرض لضرب مبرح على يد سجين آخر وأحد حراس السجن، وذلك وفقا لمحاميه وعدة جماعات محلية معنية بحقوق الإنسان. وأوردت منظمات محلية لحقوق الإنسان على نطاق واسع إنه مُنع من توثيق الجراح التي أصيب بها في تقرير طبي. وفي آب/أغسطس 2008، مُنع من مغادرة زنزانته ومن ممارسة الرياضة في ساحة السجن أسوة بسائر السجناء. وخلال الفترة ذاتها، تمت مصادرة بعض كتبه ومواد القراءة التي بحوزته بطريقة تعسفية. وقال محامون من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان للجنة حماية الصحفيين إنهم قدموا استئنافا فور صدور حكم الإدانة ضد كريم عامر، ولكن السلطات تقاعست عن النظر في الاستئناف حتى بعد مرور عامين على مدة سجنه. وقال خبراء قانونيون في مصر للجنة حماية الصحفيين إن مثل هذه الاستئنافات ينظر بها عادة خلال ستة أشهر.
نحن نأمل بأنكم ستوجهون كافة الوكالات المعنية في حكومتكم للقيام بإجراءات تصحيحية فيما يتعلق بالقضايا الواردة أعلاه حيثما يكون ضرورياً. ونناشدكم بالالتزام بالقانون المصري – وتحديدا المواد 47-49 من الدستور المصري – واحترام التزامات مصر بموجب المادتين 18 و 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه مصر في عام 1982، في القضايا الشبيهة في المستقبل.
شكرا لكم على اهتمامكم بهذه المسالة المهمة. ونحن نتطلع لتلقي ردكم.
مع الاحترام،
جويل سايمون
المدير التنفيذي